قصة من هنا بدأت الحكاية - قصص قصيرة جزء ٢


قصة من هنا بدأت الحكاية - قصص قصيرة جزء ٢
قصة من هنا بدأت الحكاية 

قصة من هنا بدأت الحكاية الجزء الثاني 


قصة من هنا بدأت الحكاية.  كان الموقع الجديد في جنوب المملكة وأكثر ما كان يميز طريق الموقع هو الجبال الشاهقة على كلا الاتجاهين كما أن الطريق وكأنه معزول فبالكاد ألمح سيارة أو اثنتين على طول الطريق.


كانت الإشارة تقريبا منقطعة وهو ما جعل اتصالي بعائلتي متقطعا وعلى فترات طويلة وكنت إذا أردت إجراء مكالمة قطعت شوطًا لا بأس به بين الجبال بسيارة العمل وهو ما كنت أراه لا يليق فسيارة العمل لشؤون العمل فكنت أُرجئ الاتصال لوقت ذهابي لشيء يخص الموقع ثم أتصل بهم.


مرت شهور طويلة اشتقت فيها لصوت أحبتي ورؤية الناس، مساءََ عندما انتهي من عملي كنت أجلس وحدي واستعيد ذكرياتي معهم لكم اشتقت لجلسة الشاي وقت العصر وحديث أمي .

افتقدت بشدة عصبية أبي المضحكة و طريقة ردة فعله على مغامرات أمي وخالتي، وكذا ماجد افتقدته كثيرا هذا المشاغب، أما ميار فصورتها كانت لا تفارق مخيلتي، كنت أعد الدقائق بل الثواني حتى أعود لأراها وأتأمل ملامحها الرقيقة مرة أخرى. 


أوشكنا على إتمام المهمة والعودة إلى الرياض وطلب مني المهندس المسؤول الإشراف على إتمام المهمة والتأكد من تحميل المعدات وعدم ترك أي آلة في الموقع ومن حماسي للعودة قررت إتمام المهمة حتى لو تأخر الوقت؛ فيكفي أني سأستيقظ في الرياض على صوت اتصال أمي وميار.

تأخر الوقت وفضل زملائي البقاء حتى الصباح ثم الانطلاق بعد الظهر أما أنا فقررت السفر قبيل الفجر. شجعني خلو الطريق من السيارات على زيادة السرعة كعادتي فأنا أعشق النسمات الفجرية التي تنساب من نافذة السيارة. 


قصة من هنا بدأت الحكاية الحادث المروع

كأني غفوت فحادت السيارة عن الطريق في منحدر جبلي وعر. لم أشعر إلا والسيارة تتقلب على المنحدرات ولكن لم أشعر بألم على الرغم من تحطم السيارة بصورة كبيرة.

قررت انتظار زملائي علهم يتفقدونني ويلاحظون ذلك السياج الذي حطمته السيارة فيدركون أني قمت بحادث فيأتون لنجدتي شعرت بدوار نتيجة اصطدام رأسي وغبت عن الوعي ودخلت في غيبوبة وأعتقد أنها كانت فترة لا بأس بها.

 لأنني استيقظت وعدت لوعيي لأجد نفسي في مصر وتحديدًا في بيت جدي.


قد تكون أسرتي هي من أصرت على عودتي إلى مصر لاستكمال العلاج؛ حمد لله على كل حال الآن أنا بكامل عافيتي، يا الله أنا في بيت جدي تقريبا لأن المكان تفوح منه روائح الطبيعة ونسمات الزهور وعبيرها لا يغادر أنفي.

 لربما فضلت والدتي أن أتعافى في منطقة هادئة بعيدا عن صخب العاصمة، ولأن بيت جدي القديم في منطقة ريفية بديعة فأعتقد أن أمي فضلت أن أقضي فترة نقاهتي في بيت جدي القديم. 


قصة من هنا بدأت الحكاية انتهاء الغيبوبة

تجولت ببصري في الغرفة فإذا بها السكينة والهدوء ذاته منذ سنوات الطفولة كانت جميلة وجدرانها وكأنها قد طليت حديثًا باللون الأبيض الناصع، عله والدي فهو حريص على الاهتمام بمنزل الجد على الرغم من خلوه من السكان؛ لأننا كنا نجتمع فيه في الأعياد و المناسبات. 

كانت الحديقة الملحقة بالبيت في غاية التنسيق وكل أشجارها أجمل كثيرًا من ذي قبل، أما الزهور فبدت غاية في الجمال لم أرَ في حياتي زهورا بهذه الألوان، أعتقد لكوني لم أزور المكان من فترة طويلة.


ما أبهى الريف وما أجمل تلك الأشجار الخضراء التي تحيط بالمكان نظرت فإذا بأشخاص على مرمى البصر يجلسون في حقولهم ملامحهم ليست بغريبة وكأني أعرفهم يبدو أنهم من أقاربي .

لم أشعر بالجوع جل ما أردته هو العودة إلى لقاهرة لرؤية ميار ووالدي وأخي ماجد فلقد اشتقت للجميع.


عدت إلى لقاهرة عن طريق القطار، كانت عربة القطار فارغة ليس بها سوى ثلاث ركاب كانت برودة الطقس تجبرهم على فرك أكفهم بين الفينة والأخرى. 


قصة من هنا بدأت الحكاية على القطار 

كانوا يضحكون ويتسامرون؛ ليكسروا ملل الطريق وددت لو انضممت إليهم فلقد اشتقت لتبادل الحديث العفوي مع الناس ولكن لم أشأ التطفل على هؤلاء الشباب.

وصلت إلى منزلي متأخرًا فقد كان والداي في سبات عميق وماجد أعتقد أنه يقضي ليلته لدى عم توفيق أو ساهرًا مع أصحابه، نزلت دمعة من عين أمي وهي نائمة ثم أردفتها بابتسامة عندما قبلتها.


دخلت غرفتي وأحضرت الفلاشة وقمت بتشغيل حفل خطوبتي وميار، تمنيت لو انقضت ساعات الليل بسرعة حتى أزف إليها خبر عودتي واستيقاظي من الغيبوبة. 


لم تتغير حجرتي كل شيء على حاله منذ أن تركتها لكن الغريب أن صورتي خطبتي وميار ليست موجودة على المكتب بل موضوعة بين ملابسي وملفوفة في منديل عقد قراننا والاعجب أن حجرة ماجد مرتبة على غير عادة وبها ألعاب وملابس أطفال.


مع تباشير الصباح ركنت رأسي للمكتب ووجدت بها آثار دماء لربما وقت نزولي من القطار اصطدمت بشيء ما وأنا من حماستي لم أشعر. دق جرس الباب وتثاقلت في النهوض وكان باب حجرتي مواربًا بعض الشيء فنظرت فإذا بأمي تفتح الباب و ميار تدخل!

قصة من هنا بدأت الحكاية وزواج ميار
زواج ميار 


قصة من هنا بدأت الحكاية زواج ميار

تعجبت لم ميار في بيتنا في السابعة صباحاََ ومن هذا الصغير الذي تحمله، لربما هو صاحب الملابس والألعاب التي بغرفة ماجد، تُرى من يكون ؟ ولم استقبلته أمي بحفاوة وترحاب وقالت "صباح العسل عصومي حبيبي "والصغير أقبل عليها وكأنه يألفها.


دخلت ميار بالطفل وكأني تسمرت في مكاني فلم أعد أفهم شيئا، فالصغير ناداها " ماما". 

أيعقل أني فقدت الذاكرة وغبت عن الوعي لدرجة أنني تزوجت وأنجبت وأنا لا أدري، تثاقلت قدماي قليلا ولم أشأ أن أزعج أمي حاولت فهم الوضع دون جدوى.

 دخلت أمي المطبخ وخرجت ميار مسرعة وغافل الصغير أمي ودخل غرفتي وابتسم وأعطاني دميته المحشوة وتبادلنا الضحكات، أحسست بحنين غريب تجاه الصغير عصومي.


قررت أن أصعد لعمي توفيق لإلقاء التحية ومحاولة فهم كل تلك الأحداث التي فاتتني أو ربما شاركت بها وأنا لا أدري . صعدت إلى شقته غير أني لم أجد أحدًا فتجولت في الشقة.

لقد تم تجديدها بالكامل وتغيير أثاثها وإن لم أكن متيقنا من أن عمي توفيق يقطن في الشقة العلوية لقلت أني أخطأت، هل أخيرا قرر عمي توفيق أن يودع العزوبية، أيعقل أنه وجد ضالته أخيرا، ونجحت إحدى بنات حواء في إدخال عم توفيق قفص الزوجية.


يبدو بالفعل أن غيبوبتي امتدت لفترة طويلة، فهناك الكثير من الأشياء التي لا أفهمها، ولكن ما جعلني أتصبب عرقا وأشعر بقشعريرة تسري بجسدي وأتسمر في مكاني كما لو أن تيارا كهربيا صعقني.

 هو رؤيتي لصورة معلقة على الحائط، لقد فسرت تلك الصورة الكثير والكثير، نزلت والدموع تتدفق كشلال من عيني، ولم أشأ أن تراني أمي على تلك الحالة، ولا حتى الصغير عصومي الذي امتلك بابتسامته أركان قلبي.


عدت إلى منزل جدي والألم والضيق يلازمني، لم أشأ أن أعود إلى لقاهرة مرة أخري ولن أبحث عن تفسير، ولم أفكر في الاتصال بوالدتي يبدو أن هاتفي تحطم في الحادث وعندما طالت غيبتي عن الوعي فقد الجميع الأمل في عودتي، لكن لن أعود مجددا إلى البيت.

إلا بعد أن أتعافى نفسيا واتجاوز ما اكتشفته، كنت أخرج من حين لآخر كلما شعرت بالوحدة إلى حديقة المنزل للرياضة، ولم يُخرجني من تلك العزلة سوى عمي توفيق الذي أتى معاتبًا على عدم سؤالي عنه طوال تلك الفترة وأخبرني أنه كره القاهرة منذ تركتها وفضل العيش هنا ولم يكن يعتقد أن المكان هنا به كل هذا النعيم والسكينة. 


وقال: كرهت العيش هناك بعدك يا حبيبي فأنت ابني الذي لم أنجبه قط، ثم أنت ذا تقفل بابك وتفضل العزلة ونسيت عمك توفيق.

فأجبته :لا يا عمي لم أعرف أنك في الجوار.

عمي: وكيف ستعرف وأنت لا تخرج إلا نادرا، الصحبة هنا رائعة والجميع قلوبهم صافية يجمعهم نقاء القلب وحُسن السريرة وحُب الخير للجميع، هلم لنخرج فنتريض ونلقي التحية على الجميع وتتعرف بجيرانك وكفاك العزلة والتقوقع. 

عند خروجنا وجدت هدايا فقال: أنظر كل هذه الهدايا مرسلة إليك وأنت لا تستلمها ولا تسعد بها، إنها من والدك ووالدتك وماجد وخالتك وزوجها وميار ورباب حتى الصغير عصومي يا لك من محظوظ بكل هذا الحب يا عصام.


خرجنا وتنزهنا وقابلنا الجيران وجميعهم كانوا سعداء فرحين تعرفوا علي ورحبوا بي كان الطريق محفوف بأشجار بديعة ورياحين ورائحة زهور عطرة تهب في المكان يبدو أنهم يعرفون عمي توفيق ويألفونه ولم لا وعمي توفيق مرحًا ذا روح خفيفة يحب الخير ويتسابق للمساعدة أعتقد أن كل هذا صنع له تلك الشعبية الكبيرة.


عدنا مرة أخرى وكانت بداخلي الكثير من التساؤلات وقلت له: لقد تزوجت ميار بماجد رأيت صورتهما في شقتك فقال لا بأس يا ولدي هذا قدر الله وما شاء فعل. 

اقرأ أيضًا :"قصة من هنا بدأت الحكاية قصص قصيرة جزء ١".

قلت: ولم وافقت أمي وهي تعلم حُبي لميار ولم وافقت ميار أيضا هل لهذا الحد فقدوا الأمل في عودتي، هل أخبرهم الأطباء أنني لن أستفيق وسأظل في الغيبوبة فترة طويلة، لهذا تعجل الجميع وفضلوا أن يتركوني هنا.

هل تناست ميار حبي لها، لقد أحببتها حبا لن يستطيع أحد أن يصفه ويعبر عنه ،لقد اغتربت لأجلها، أنا لا أفهم يا عمي؟


فأجاب :الجميع كان مرغما وكانت الدموع في أعين الجميع، لا تحسب أن الحادث كان هينًا لقد كان بمثابة خنجر غرس في قلوب الجميع ولكن حسبنا أنك بخير وأنها إرادة الله وماهي إلا فترة وانضممت لك وسعدت بعودتي وخاصة بمرافقتي إياك ورؤية جميع أحبتي وأقاربي وجدك وجدتك.


فقلت مهلًا: جدي وجدتي هنا!


قصة من هنا بدأت الحكاية واكتشاف الحقيقة  

أجاب بالطبع ودخل جدي وقال مرحبًا بحبيبي وابن حبيبي واحتضنني بشوق وجاءت جدتي وقبلتني ومسحت على شعري .

فاقتربت من عمي توفيق والدهشة على وجهي وقلت: كيف أرى جدي وجدتي وأحدثهما وهما قد فارقا الحياة ؟


فقال: ألا تدرك يا عصام أن كلانا قد فارق الحياة، حبيبي أو حسبت أن كل هذا النعيم في دار الفناء، لقد انتقلنا إلى الرحمة والسكينة فاسعد أننا بفضل الله ورحمته من أهل النعيم وقبورنا روضة من رياض الجنة "وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور.

رجعنا إلى دار البقاء بيتنا الحقيقي، هنا حيث الود والحب الصادق والجميع قلوبهم أشد بياضا من اللبن الحليب، ألم تلاحظ أني عدت إلى لعشرين من عمري، ما عادت آلام الفقرات تأتيني، وما عدت بحاجة للأدوية والمسكنات أنا بوافر صحتي"

اقرأ قصة زمن القوة 

فقلت: لك الحمد يا الله على قضاءك، لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك و عظيم سلطانك أحمدك أن جعلتني من أهل رحمتك.

تمت.

دمتم بكل ود ..

1 تعليقات

رأيك يهمنا

أحدث أقدم