قصة فاتني قطار الحب قصص قصيرة الجزء الثاني, هو من جملة مقالات الكاتبة المصرية أسماء خشبة الأدبية والعلمية والقصصية المنشورة على مجلة أنامل عربية الإليكترونية.
قصة فاتني قطار الحب ولكن ما يعيب أرسطو !
وهو السبب بكل ما وصلت إليه من نجاح، أعتذر منك عزيزي أرسطو فأنا مشوش بعض الشيء.
لم تكن المحاضرة كالمعتاد بل فتحت باب للمناقشة بلا تعنيف أو سخرية، أحسست بتفاعل الطلبة وإقبالهم على المشاركة وطرح الأسئلة، الجميع كان متفاعلا عدا صورتي المصغرة "طلعت".
أتفهم يا طلعت فلن تدرك قيمة هذه المحاضرة إلا بعد أن تصل إلى الخامسة والأربعين من العمر، وقت أن يستيقظ قلبك بعد سباته الطويل، أشفق عليك فستكون مباراة شديدة بين عقلك وقلبك ولو أعرف نتيجتها لأبلغتها لك حتى تكتبها فتريح نفسك من المعاناة التي أنا بصددها الآن.
لم أستطع أن أمنع نفسي من النظر إلى ولاء بين الفينة والأخرى وما الضرر فإن قلبي ينظر إليها قبل عيني.
عدت إلى منزلي على أمل بلقاء الصغيرة مرة أخرى، مرت الأيام جميلة لقد أصبح لدي حافز لأحيا من جديد، بين الفينة والأخرى كنت أسأل ولاء وتجيبني، أحببت كل الإجابات سواء أكانت صحيحة أم خطأ يكفي أني سأسمع صوتها الخجول.
قصة فاتني قطار الحب والامتنان لسلمى
أصبح الجميع محباً لمحاضرتي متفاعلا معها، أحببت حسام الجديد هذا. حتى في منزلي أصبحت أكثر ارتباطا بسلمى الصغيرة وأشاركها اهتماماتها، أذهب معها عصراً إلى النادي وأتابع تدريباتها وفي الطريق أسألها عن أحوالها.
أدين لك بالامتنان أيها الحب لقد أعطيتني قبلة الحياة، ولكن لم ولاء؟ هذا السؤال الذي كان يطرحه عقلي كثيرا ولم أسع مطلقا للإجابة عليه، بل كنت أتجاهله، إلى أن فاجأني هو بإجابة لم ألاحظها يوما.
حينما قال لي وقد هممت بكتابة إحدى القصائد متغزلا في هذا البدر الذي أنار عتمة قلبي وجعل ليالي المظلمة تشع جمالا وحياة؛ هذا وبفضل هذا البدر عدت لكتابة القصائد مرة أخرى، ولم لا؟
قصة فانتي قطار الحب وظهور ولاء
لقد أعادت إلي ولاء المشاعر التي ذبلت صرت أشعر بنبضات قلبي وأشعر بروحي تسري في جسدي، لكن عقلي وعلى حين غرة فاجأني باستنتاج لم يخطر على بالي قط حينما أخبرني إن ولاء ما هي إلا نسخة حديثة من حبيبتي زينب.
تلك التي كنت أعشقها في سنوات عمري الأولى، حقيقة ولاء تمتلك نفس العيون والأنف الصغير والشعر الناعم الأسود.
أيعقل أن يكون قلبي كل تلك السنوات يبحث عن حبه الأول زينب في صمت دون أن يفصح، أيعقل أن تلك الطعنة الغادرة لم تشفى بعد وأنه ظل يبحث عنها في كل نساء الأرض إلى أن اهتدى إلى ولاء؟!
تُرى أين أنتِ الآن يا زينب، أجبروك على ترك الدراسة والزواج من هذا الجاهل البغيض بسبب الفقر والحاجة، وما أسهل أن تباع الفتيات بحجة الستر، ولكنها دعوى بغيضة للتخلص منهن ولكن بطريقة شرعية.
كانت زينب شديدة الذكاء مجتهدة إلى أبعد الحدود، لولا الفقر لأصبحت زينب عالمة يشار لها بالبنان، لكنهم باعوك في سوق الجواري!
وأنى لكِ الاعتراض في مجتمع جاهل بغيض تحكمه القبيلة والعصبية وقبل كل هذا آراء النساء العجائز، اللائي يكرهن أن تخرج واحدة منهن وتحظى بحياة مختلفة فيضيقن على من حولها الخناق لتتحول في خلال سنوات قصيرة لنسخة مكررة منهن، بل ربما ستكون زينب الأقسى لأن أحدا لم يرحمها وتم بيعها دون أن يحق لها حتى البكاء.
قصة فاتني قطار الحب وعودة الذكريات
أتذكر آخر لقاء بيننا عندما خنقت العبرات صوتك وأنت تخبريني أن عمك سيخرجك من التعليم بعد وفاة والديك، بحجة أنه لا يملك المال لمصاريف الدراسة، ثم قوله أن مصيرك بعد الدراسة والعناء هو الزواج، فلا بأس من أن تختصري الطريق وتوفري المال وتتزوجي.
وقتها لم أملك المال لأتزوجك وأدخل المزاد ولم أستطع الهروب بك من وسط هذا الجحيم القبلي البغيض. آآآه يا زينب لقد دفنتك في ذاكرتي ولم أشأ أقبل العزاء؛ وكرهت بلدتي ونفسي وأهلي، فلم تعودين الآن؟
هل لأتذوق مرارة الفراق وأتجرع كؤوس الحزن وحدي؟ هل عدتي لتكتبي هذه المرة نهاية حياتي كما كتبت قديما نهاية قلبي، وأصبح في عداد الأموات؟!
ولم كتب على أن أكون في عداد الأموات؟ لقد تغير حالي كثيراً، لم يمنعني قديما من الزواج بزينب سوى ضيق ذات اليد ودراستي وعمها الذي تعجل ليتخلص من مسؤوليتها وأنا الآن في رغد من العيش ومكانة علمية مختلفة تماما لن أترك زينب هذه المرة بل سأنقذها.
المحاولة الاخيرة |
قصة فاتني قطار الحب والمحاولة الأخيرة
لم يعد هناك ما يمنعني من أن أحقق رغبات قلبي وأحيا من جديد وأشعر كبقية البشر، أعتقد أن هذا أبسط حق لي فلقد أديت واجبي على أكمل وجه تجاه الجميع، لكن للأسف ليست ولاء هي زينب الحقيقة أنها صورتها التي حاولت أن أتجاهلها.
لكن قلبي لم يغفل عنها قط لهذا لن أتركها مرة أخرى، فهي حقي الذي سُلب مني وآن الأوان لكي أسترده ولن أترك الأيام تفرقنا مرة أخرى، حققت أحلام الجميع وأعتقد من العدل والإنصاف أن أحقق حلمي وأحيا مع من عاد بفضلها قلبي للحياة.
لقد افنيت عمري لأسعد عائلتي كلها اشتريت لعائلتي منزلاََ كبيراََ وأوقفت لوالدي جزءََ من نقودي تصلهما كل أول شهر، وأهديتهما الرحلة التي طالما حلما بها. كما أنني استطعت أن أوفر لأخايا باتصالاتي ونفوذ عائلة زوجتي وظيفتان في مكان مرموق ولا أنكر أن هذا أفادني فيما بعد.
حتى ابني أرسلته للدراسة في أعرق الجامعات الأمريكية وها هي ابنتي في مدرسة لم أحلم وأنا في عمرها بالاقتراب من سورها الخارجي، حتى زوجتي العزيزة أغدقت عليها ما تحب وتهوى من سيارة فارهة ومجوهرات أراها هنا وهناك في أرجاء منزلي.
لم يبق على استلام مفاتيح الفيلا الجديدة سوى أسابيع قليلة، واستأجرت زوجتي جيشاً من مهندسي الديكور ليقدموا لها أحدث التصميمات التي تليق بها وبتطلعاتها التي لا تنتهي.
كم أتمنى لو ابقى هنا في هذا المنزل وتذهب هي بمفردها، فنازلي وإن كانت عنصراً فعالا في نجاحي إلا أنها أضحت بعيدة كل البعد عن ما تهواه نفسي. أحس كثيراً أننا زملاء عمل لا زوجين، لا يجمعنا سوى التناغم والانسجام العقلي، أما الحب فنحن بعيدان تماماََ عن مفرداته.
قصة فاتني قطار الحب وانشغال نازلي
إذا هممت بالسفر إلى الخارج لأجل إلقاء محاضرات أو تلبية لدعوة في أحدى الجامعات، قلما تكترث نازلي، لم تبك مرة واحدة لفراقي ولم تتصل لتسأل عما أفعل، جل ما يهمها أي الصحف قد تناولت الحدث، عدد اللقاءات الصحفية التي قمت بها.
نازلي لا تقنع أبداً بما وصلنا إليه ولن يريحها سوى أن أتقلد حقيبة وزارية، أرى الألم واضحاً على قسمات وجهها إذا هاتفت أخيها معالي الوزير وزوجته وتحاول جاهدة بشتى الطرق التقرب من زوجات الوزراء والمسؤولين.
تباً لك يا نازلي أنت صورة مطابقة لي ولطلعت ولكن في حقل آخر أشفق عليك كثيراً؛ فرغبتك في المثالية والوصول إلى مقاعد الحكام قد أفسدت عليك التمتع بمفردات الحياة.
ولكن لا بأس بندواتك وانشغالاتك طالما أنها ستتيح لي أن أبقى وحدي وأن أستمتع بذلك الوافد العزيز الذي غزا حياتي على حين غرة مني فأسقطني في محيطه الواسع وحقيقة لم ولن أسعى إلى النجاة.
قصة فاتني قطار الحب والسعادة برفقة الطلبة
أصبح جميع طلبتي يزورون مكتبي ويتبادلون معي الحديث، جميعهم يأتون لنتحدث ونتناقش وأقدم لهم النص ونتبادل الضحكات بل وأخرج بصحبتهم وأستمع لكلماتهم صرت قريبا من تفكيرهم وأتفهم اندفاعهم.
لم أعد ذلك المتجهم البغيض الذي يمقته الجميع ويظهرون الطاعة والانصياع خوفا من بطشه.
أصبحت قادراً على فهمهم و معرفة كيف يفكرون وما هي تطلعاتهم، بل إنهم ينبهرون بي إذا أبديت اهتمامي بلاعبهم المفضل وتحدثت عنه؛ كل هذا بفضل قضاء الوقت مع سلمى الصغيرة التي جعلتني أنظر وأفكر كما يفكر المراهقين.
حتى ولاء استدعيتها لأتحاور معها أتت برفقة بعض زميلاتها تعالت الضحكات ولمحت نظرة الانبهار في عيونهن، شكرا لك صغيرتي سلمى لقد منحت أباك نافذة لأرى بها العالم من جديد.
مع مرور الوقت تعلقت ولاء بي وأعتقد أنها لاحظت اهتمامي بها، كان حياؤها ووجهها الطفولي لا يغادران جنبات قلبي ونفسي.
أنظر إليها دائما وكأنها جوهرة نادرة لا تستحق سوى أن تحفظ عن عيون الناس، لم أنظر إلى ولاء على أنها جسد بل نظرت إلى روحها، لم أتطلع لها بشكل شهواني بغيض وما ينظر إلى النساء بتلك الطريقة سوى كلاب البشر.
لقد تطلعت إلى عيونها الناعسة وابتسامتها الخجولة التي تحاول جاهدة أن تبقيها بعيداََ عن مفردات حديثها، رأيتها ملكة متوجة لقلبي وحدي ..كنت أتأمل أوراق بحثها وطريقة كتابتها وخطها الجميل وأكرر القراءة مرات عديدة ليتك تدركين كم أصبحت جزءََ من مفردات نفسي.
قصة فاتني قطار الحب والقاء الخجول
ذات يوم طلبت منها أن تأتي إلى مكتبي عقب انتهاء المحاضرة تفاجأت وتوقعت أني سأعنفها أو أقدم لها لوما وتأنيبا لمحت كل هذا في ملامح الخوف والدهشة التي بدت ظاهرة على وجهها.
عندما دخلت المكتب كانت خطواتها توحي بالارتباك أوشكت أن تتعثر بالسجادة البالية التي بأرضية مكتبي.
هونت عليها الأمر حتى تخرج من تلك الرهبة التي أحاطت بها وقلت لها: "بحثك جميل يا ولاء"، جميل يا له من وصف غير دقيق لبحث علمي هل قصدت وصفها أم وصف البحث أيها الأحمق، هكذا نهرني عقلي فأردفت مسرعا: "فيه كل العناصر إللي طلبتها وده كويس أننا نركز على كل الجوانب بنفس الدرجة مش نظهر نقطة ونسيب التانية".
حمدا لله تداركت الموقف هلا رتبت مفردات حديثي قبل أن أطلب منها الحضور، شعرت بقليل من الثقة تتسرب إلى نفسها, أحسست بها تتنفس الصعداء.
أشفقت عليها وسألتها: "أنت منين يا ولاء؟"
ردت : "من سوهاج"
ما أجملك يا سوهاج وما أجمل بناتك وحياؤهن، ليت بنات التيك توك يدركن قيمة تلك المفردات التي يتغاضون عنها بكل بساطة من أجل حفنة من الأموال.
سألتها العديد من الأسئلة، بمرور الوقت أصبحت أعرف عنها بعض المعلومات وأن والدها موظف في إحدى الهيئات ووالدتها معلمة.
مرت أيامي كنسمات باردة في يومٍ شديد الحرارة، أيقنت أنها قد أحست باهتمامي بها وربما بحبي، غير أنها لن تدرك يوماً مدى تعلقي بها.
قصة فاتني قطار الحب وتدخل العقل في آخر لحظة
دارت العديد والعديد من المواجهات بين قلبي وعقلي كان عقلي ينتصر غير أني لم ألتفت لانتصاراته وتغافلت عنها، رغبة في عدم مواجهة واقع مرير ربما ستفرضه الأيام لاحقا.
إنه الواقع الذي لا مناص من مواجهته ويحمل مرارة الفراق والضياع. سرعان ما ستمضي الأيام وما عساي فاعل بتلك الرقيقة التي تعلقت بي وأصبحت تبتسم لوجهي وتتابعني باهتمام، ويحي لن أقدم لك سوى الشقاء أيتها الصغيرة.
فمصيرنا أن لا نجتمع مطلقا، لو كان الزمان غير الزمان والمكان غير المكان والبشر غير هؤلاء لربما عاشت قصتنا واستمرت إلى الأبد.
ترى هل ستذكرينني في مستقبلك؟ أم سأكون ذكرى أليمة ستحاولين جاهدة نسيانها وكبتها؟
هل ستقابلين أحد يحبك مثلما أحببتك؟ أم سيدفعون بك إلى بغيض آخر كما فعلوا بزينب لتتجرعي مع كل دقيقة مرارة الرضوخ للتقاليد والأعراف البالية؟
قصة فاتني قطار الحب وانتصار ميزان العقل
أفكر في مستقبلك أكثر من نفسي وأخاف أن أكون الجانب المظلم من ذاكرتك الرقيقة، ليتك تسامحيني وتتفهمي. لن تتفهمي الآن ربما لاحقا أو لربما لن تتفهمي موقفي وتظلين تكرهي القدر الذي جمعك بي على حين غرة.
رجعت إلى منزلي والخواطر تداهمني لم أنتبه مطلقا لحديث نازلي التي بشرتني بترشيحي لمنصب رفيع في الدولة، هنأتها فلقد حققت كل ما كانت تصبو إليه وجمعت السلطة والمال معاً هنيئا لك ولأخيك الذي أصبح يهيمن على حياتنا ومن العبث أن أصارحك أني لا أرغب في مواصلة الحياة على هذه الوتيرة القاتلة.
لو كان بيدي لذهبت وولاء إلى أبعد مكان في العالم، بعيداََ عن سطوة أخاك وقسوة المجتمع القاسي الذي يحكمه حب السلطة والمظاهر في الشمال وتسود القبيلة والعصبية والتقاليد المتحجرة في الجنوب، لا يسعني الآن إلا أن أواسي ذلك القلب الذي كتب له الشقاء في أول الأمر وآخره.
أغفري لي يا ولاء فأنا لم أقدر عواقب هذا الحب، وهكذا هو الحب لا تدرك نهاياته غير أن أغلبها يحكم المجتمع عليها بالشقاء والفراق.
اقرأ أيضًا :"قصة فاتني قطار الحب قصص قصيرة جزء ٢".
قصة فاتني قطار الحب وطريق العبث
قدت سيارتي إلى غير وجهة, لم ألتفت إلى نازلي ولا ثرثرتها بضرورة معاودة الاتصال بأخيها وتقديم فروض الطاعة والولاء.
لم أستطع رؤية العالم كما كنت أراه من قبل لقد أختفى كل الجمال الذي أعتدت رؤيته في الآونة الأخيرة.
انطلقت مسرعا أحاول الفرار من الماضي ودموع زينب التي لم أستطع أن أوقفها، ومن الحاضر الذي أضحت فيه نازلي المهيمنة المسيطرة، وغطى طموحها الأجواء فأصبحت عاجزاََ عن التنفس تماما!
يبدو أن السعادة لم تقدر لأمثالي، وأن طريقي الذي سلكته لأهرب من الفقر والعصبية لم يحقق لي الراحة والسكينة، تدافعت الأفكار وجميعها تلاحقني، ماض أليم لعب الفقر فيه دور البطولة وحاضر هيمن حب السلطة على كل تفاصيله فأصبح بلا معنى، لم أتبين الطريق وسط هطول الأمطار، لعلها السماء شاركت قلبي في البكاء، وفي الجرائد الرسمية...
(وفاة زوج أخت معالي وزير... ... متأثراً بجراحه في حادث أليم)
تمت..
دمتم بكل ود..
👍👍
ردحذف