خاطرة الكثير من الكلام والكلام ما عاد ينفع خواطر حزينة

خاطرة الكثير من الكلام

خاطرة الكثير من الكلام والكلام ما عاد ينفع

سأبسط نفوذي على العالم، وأجعل الظلام يخيم، هكذا أنا أريد ولا رادّ لما أريد، على الجميع أن يسمع ويومئ بالإيجاب والقبول، من لا يوافق فليصمت، ليُهدنا هذه المزية، أو ليرحل أو ليتظاهر، أو ليتغابى، فليمثّل ...

سأسير في الأرض بأكثر من قدم، أخطبوط بمئة يد، ورشاشات ودبابات وصواريخ ترمي بالموت، لا مهرب ولا مخبأ ولا كر ولا فر.

لن تجد الفرصة لذلك سأُحكم قبضتي وأكتم على الأنفاس، وأغرق الجميع في جحيم أسود، الأفواه لن تتجرأ، والأعين لن تبصر والآذان فيها الصمم، والقلوب لا نبض، عندما يبلغ الألم مداه سينشرون نظرات زائغة فارغة.

متحجرة القسمات من كل شيء، لا تصدق ولا تظهر الحزن، تتصنع الصبر ليكون لها المخرج الوحيد الذي به تأخذ قليلا من هواء الحياة المتفحم .

أتكلم بجدية بالغة ولا يهمني ما يروّج، لا أكترث للحقيقة، فشيطاني قد تحكّم. أغير الأدوار لصالحي، الجميع في صفي علمت أم لم تعلم.

المنطق والقانون وما عرفه العقل يوما بجرافات سوف أجمعه وأشبعه صفعاََ ولكما ثم أريه فداحة الأمر، هذه نيتي فليعلم وليشهد العالم ..

خاطرة الكثير من الكلام وفظاعة المشهد 

ذاك مشهد ومن هنا عدة مشاهد ..

يا للبؤس، يا لقلة الحيلة، يا رحمان تلطّف وترحّم وتمهّل ... 

 من هنا، في طريقي للعمل، دائما أمر بين الجثث إلى أن أصل إلى بؤرة الجثث، هذه الأيام كثرت وتكاثرت من كل حدب وصوب تتهاطل، لم أعهد هذا المنظر المريع، فأكثره أطفال صغار ورضع لا يدرون ماذا حل.

مرات يصلون وتصل بعدهم أجزاؤهم سوداء مقطوعة أشلاء في أكياس موضوعة، مصيرها باطن الأرض، وهم والله زهرة الحياة الدنيا وزينتها وبسمتها ونعيمها الدائم.

آه لحظة .. من هذا؟! 

دعوني أمر، أنا طبيب، ألا ترون... ألقيت نظرة لقد كان ذاك كبدي وفؤادي، لم أتجرأ على الكلام، وضعت يدي على فمي، أسترينا أيتها الأصوات.

لا تنطلقي فإني لا أقوى على ذلك، سأموت في لمح البصر، الجميع من حولي يهدّؤون من روعي، وأنا أتساءل إلى أين ذهب روعي؟! 

لقد خانني في حين احتجت إليه، تركني هنا وحدي ..الحمد لله، الحمد لله رب العالمين ، لله ما أخذ ولله ما أعطى وكل شيء عنده بمقدار. 

يا للقدر أنا هنا أستقبل الجميع وما حسبت يوماََ أن يكون نور عيني من بينهم، بالله عليكم قولوا أن هذا كذب، رحمتك يا الله رحمتك.

الكلام ما عد ينفع

خاطرة الكثير من الكلام والكلام ما عاد ينفع في كل الأحداث 

بشاعة الحدث غطت على كل الأحداث، خراب في خراب، وأكفان بيضاء بجانب بعضها على طول الخط، وأطفال بين الأيدي نهديها للموت، يأخذها طواعية أو بالغصب فما عدنا نقرر.

اقرأ أيضًا :"خاطرة بوركتِ يا أرضي الطيبة خواطر اجتماعية". 

أراك يا ولدي وأنت في حضني وكأنك نائم، والله كأنك نائم، أراقبك عن كثب وأقول ليته يستيقظ، لكن هيهات هيهات، لقد كذب الوهم ،إنه الوهم هو المراد الذي لا يرام ولو بقينا ننتظره دهرا بعد دهر.

تركت هناك تحت الأنقاض كل شيء يخصني، أهلي وعملي وعمري وفراشي وأوراقي ولباسي ومناديلي وتاريخي وحديقتي وزيتونتي، وأحلامي التي كانت يوما ما تتوعد: سأتحقق سأتحقق . 

الآن كلها هراء في هراء لن تتحقق الأحلام يا ولدي فنحن في جحر الضبع وحاشاه أن يكون الأسد. أجلس هناك بعد أن تم الهدم واستتب الأمن، بعد ماذا؟! 

فما عاد هناك من يفهم، كل شيء، كله على بعضه ردم في ردم، أرمي بنفسي فوقه وماذا سأرى وماذا سأسمع وأي هواء سأتنفس؟!

خاطرة الكثير من الكلام والكلام ما عاد ينفع والصمت أبلغ

هذا الصمت الذي أنا فيه جنون محتم، وزد عليه الظلام الدامس ،والعطش الذي يفضح، والجوع والعري، والغبار الذي غير الملامح، لم أعد أعرف من أنا حتى، من أنا ؟! بربكم قولوا لي من أنا ؟!

أجري على غير هدى، أكتفي بالكلام الذي لا يُعلم: أبوك استشهد يا بنتي أبوك استشهد.. 

أنا هنا أعالج المرضى وهو هناك قد استشهد، سأفرح أم أحزن، انقطع نفسي من الركض، إلى أين يا ويلتي حين يحل الليل وأكون لوحدي.

 في ذلك السكون حينها سأعرف ماذا أفعل، سأعرف بالتأكيد إلى أين خطوتي التالية تتجه، ستعرف طريقها لوحدها لا تقلقي علي أنا بخير، أنا بخير، أكاد أختنق... 

اقرأ مقال عن زمن القوة 

هذه لقطات من فيلم، مشاهد من مسرحية، هذه صور رأيتها ولم أصدق، الكثير الكثير مما يعرف لا يمكن وضع مسمى له، بهتت الكلمات واستعصت الأقلام وحارت الألسن وبحّت الأصوات.

أيتها الدنيا كوني هكذا بشعة قبيحة، جائرة، مريرة ،حقيرة متوحشة، تذبحين بالمقلوب وتطعنين في الظهر، ليتك واجهتني، ليتك قابلتني وجهاََ لوجه ..

بقلم الأنامل الجزائرية :

"عايدة عمار فرحات"