مفتاح وزيتونة زوجان عاديان مرحان للغاية ويكرهان الأحزان وعلى الرغم من شجارهما المستمر إلا أنهما متناغمان هيا لنقترب من حارة النعمان ونرى كيف يقضيان سويا رمضان.
قصة يوميات مفتاح وزيتونة الرمضانية
هلت بشائر الخيرات وعلقت الزينات والرايات وازدحمت المساجد و الطرقات، أتى رمضان ومعه السكون والطمأنينة والروحانيات هنيئا لمن استغل هذه الأوقات وتقرب إلى ربه بالطاعات وخلع الدنيا وما فيها من أجل الرحمات.
صبيحة أول أيام رمضان قرر مفتاح أن يتغيب عن عمله ووافقته زوجته زيتونة ووصفته بالشقيان مع أن رمضان شهر الإحسان وليس للتكاسل والنوم والنسيان.
قصة يوميات مفتاح وزيتونة - أمسية تفقدية في الشرفة
مضى الزوجان أول ليلة يتحدثان في الشرفة عن أحوال الجيران، وماذا اشترت سلوى وما قالته جيهان وكيف عضبت سومة من زوجها حمدان، ومضى الليل كله في انتقاد الجيران ولم يتوقفا عن الثرثرة إلا عند الآذان.
زيتونة ومفتاح كفاكما، هذا التصرف مشين ولا يسلكه إلا كل ثعبان رجيم يتتبع عورات جيرانه وليس في مخه عقل رصين، دعا شؤون الخلق للأحد الديان خير لكما أن توزعا حسناتكما على الجيران.
يمكنكم الآن معرفة كل ما جرى في:
قصة يوميات مفتاح وزيتونة الرمضانية ومسلسلات رمضان
استيقظ مفتاح بعد الظهر فملأ صياحه المكان وقال: زيتونة يا زوجتي المصونة أين أنتِ يا أمرأة؟
أجابته: أنا هنا يا مفتاح أشاهد الحلقات الأولى من مسلسلات رمضان، لا تكثر من الطلبات ولا تكثر من الصياح فأنا مندمجة ولن أبرح مكاني حتى لا أفوت الحلقات يبدو أن مسلسل الفنانة ذات الشعر الطويل سيكون الأكثر إثارة لأنها منذ الحلقة الأولى تفوهت بأبشع الألفاظ.
سألها مفتاح: كم مسلسلا شاهدت إلى الآن؟
زيتونة: أربعة فقط ويتبقى اثنان.
مفتاح: ومتى ستعدين الإفطار إن عصافير بطني أوشكت على الانهيار.
زيتونة: مفتاحي وقرة عيني لم أذق طعم النوم منذ السحور وأنت لا تترفق بي وتطالبني بالطهي في أول أيام رمضان أنت لست حبيبي بل أنت سجان.
مفتاح بقلق: لم يا قرة العين؟ ألم آخذك معي لشراء حذائي منذ شهرين واشتريت لك عصير قصب ولوفتين.
زيتونة: عصير قصب يا مفجوع لقد شربت نصفه وقاسمتني فيه، و اللوفتين يا نور العين لغسيل أطباقك ألا تخجل من نفسك؟ جارتنا أم زياد أشترت بالأمس غسالة أطباق لتجلي الصحون ولن تعاني فقرات عمودها الفقري بعد اليوم من الانزلاق.
مفتاح يقرر أن يفطر خارج البيت
حك مفتاح فروة رأسه وخرج إلى غرفة المعيشة فقالت له باستعطاف: أنا زوجة تعيسة حبيسة.
تأثر مفتاح وسألها: كل هذا لأني طالبتك بإعداد الإفطار؟
زيتونة: وهل ترى هذا الطلب مناسبا، ركبي أصابتها الخشونة بسبب وقوفي المستمر وقلة شرب الحليب وأنت لم تفكر ولو لمرة في اصطحابي إلى طبيب؟
مفتاح: كل الأطباء سيئون ماكرون يتاجرون بالمرضى ولا يترفقون لو فحصك أي طبيب لقال وهو يعلم علتك تحتاج إلى أشعة سينية أو موجات فوق صوتية، لكي يأخذ من مركز الأشعة نسبة من المال ثم يصف عشرة أصناف لكي يأخذ عمولة من شركات الأدوية إن عملهم ما هو إلا وسيلة حقيرة لجمع الأموال ومع ذلك لو اخلصت النية ودعوت رب البرية لخفت آلامك تلقائيا أيتها الغبية.
بغيظ ردت عليه زيتونة: خلق الله الطب والدواء لكي نأخذ بالأسباب ولا نركن فقط للدعاء.
ادرك مفتاح أن السبيل إلى ترضية زيتونة وإبعاد فكرة فحص الطبيب، يتم إلا بوليمة ميمونة في الخارج لكنه كان يخشى أن ينفق المال فأخذ يفكر إلى أن لمعت في رأسه فكرة فقال: سأترفق بك مستقبلا أنت تجلين الحلل وأنا أنظف الأطباق وأزيد على هذا سنخرج لتناول وجبة الإفطار خارج بيتنا حتى ترفهي عن نفسك وتشعري بالاختلاف.
قفزت زيتونة من مكانها وظهرت السعادة على قسمات وجهها وتناست تماما آلامها وسألته: أحقا ما تقول يا مفتاح؟
أجابها مفتاح: بالطبع يا زيتونة، هيا استعدي وتزيني بأبهى الثياب سنغادر البيت ولا تنسي أن تعلمي على الفيس بوك و الواتس الأقارب والأحباب.
زيتونة: بالتأكيد حتى أغيظ زوجة أخي تغريد وزوجة ابن عمك وليد.
نهضت زيتونة مسرعة ومن فرط حماستها أوشكت أن تحطم جهاز التحكم حمدا لله أنها تنبهت في الوقت المناسب ولم تهشمه.
ارتدت زيتونة فستانها في دقيقتين ولم تتأخر كعادتها ساعتين خرجت فإذا مفتاح قد غلبه النوم في حجرة المعيشة وما زال بملابسه فنهرته وطلبت منه أن يفيق لأن قبيل المغرب يزدحم الطريق.
قصة يوميات مفتاح وزيتونة الرمضانية ومفاجأة غير متوقعة
بعد نصف ساعة بالتمام انطلق مفتاح بسيارته وكلما شاهدت زيتونة مطعم للوجبات السريعة قفزت في مكانها وقالت هذا لكن مفتاح لم يستجب لها وكأنه يبحث عن مكان معين وهذا ما دفع زيتونة للكف عن الصياح فلقد أخبرها رأسها أن أبا المفاتيح لربما يختار مكان فخم ومريح.
لكن هيهات لم يكن كل ما تمنته سوى أمنيات زائفة تفاجأت زيتونة بمفتاحها يركن السيارة ويفتح لها بكل فخر بابها وهو يقول: وصلنا يا قرة العين إلى مكان الإفطار.
انفعلت زيتونة وقالت: هل جننت أم أنك حمار؟
أجابها مفتاحها: لمَ يا زيتونة حياتي؟
اشتعل وجه زيتونة وأوشكت الدماء أن تخرج من وجناتها وقالت: هذه مائدة الرحمن أيها البخيل العدمان.
مط مفتاح شفتاه وقال: وما عيبها يا زوجتاه، إنها تقدم طعام شهي وبالمجان.
جذبته زيتونة من ملابسه وقالت: تقدم الوجبات للمحتاجين والمسافرين لكنك ميسور الحال وتمتلك عقارين وسيارتين.
مفتاح يخشى الحسد
بسرعة فرد مفتاح أصابعه الخمسة وكأنه خشى أن تحسده زيتونة فقال: كتكوت وكبر وردة وتفتحت الله أكبر من عيونك أهذا جزائي أنني نزهتك ومن جدران بيتنا الكئيب أنقذتك، تخيلي أنك تأكلين في مطعم فاخر وكفاك جردا لمالي أنا أنميه لينفع عيالي.
زيتونة: أين عيالك يا مفتاح؟ أنت تمنعني من الإنجاب وتتعلل بارتفاع ثمن الحفاضات.
مفتاح: من يدري ربما قد اقتنع بفكرة الإنجاب إن وعدتني بأن تقتصدي في الطالبات وتقللي من كلمة هات.
زيتونة: هتهتك الله وأخذ منك كل ما تكدسه وأصابك ما تخشاه، واحسرتاه كنت أتمنى زوج معطاء حنون وبحبي مجنون وبقوامي مفتون فابتلاني الله بك أيها المقتر المجنون.
مفتاح: كفاك زيتونة دعينا نستمتع بوجبتنا المجانية وأعاهدك أن اشتري لك قرطاس ترمس في آخر الأمسية.
زيتونة بغضب: قرطاس ترمس ما هذا التبذير؟ لابد يا عزيزي من التوفير لما لا نقف بجوار بائع الترمس دقيقتين وننتظر إلى أن ينشغل فنسرق منه حبتين واحدة لي وأخرى لك.
مفتاح: فكرة رائعة لكن السرقة في رمضان حرام.
زيتونة: تكاد الدموع تنهمر من عيني اجلالا لورعك وتقواك.
مفتاح: كفاك زيتونة سيبرد الطعام وبعده لا يوجد لدي مانع من مواصلة الكلام.
التهم مفتاح كل الأطباق التي أمامه وتجاهل تماما انتقاد زيتونة ثم سأل المشرف على المائدة بكل سماجة عن التحلية.
زيتونة أكلت لقيمات وكانت تشعر بالشتات بسبب تصرفات مفتاح وحرصه الشديد تمنت لو انشقت الأرض نصفين وابتلعتها في غمضة عين.
في طريق العودة لم تتفوه بكلمة إلى أن شعرت بانفجار مرعب اصابها بالانهيار لاحقا أخبرها مفتاح أنه الإطار الخاص بالعجلة الأمامية فأخذت تولول وتبكي ليس حزنا على الإطار وكأنها انتظرت الحادثة لتخرج ما بنفسها من انكسار.
حاول مفتاح أن يركب الإطار الاحتياطي فحام ودار وكأنه خبير سيارات لا يشق له غبار وأثناء محاولاته اليائسة تمزقت ملابسه.
قصة يوميات مفتاح وزيتونة - مفتاح يعود لرشده ويعترف بتقصيره
شعرت زيتونة بالارتياح ووبخته قائلة: انظر ما وصل إليه حالنا بخلت والوجبات السريعة ثمنها بسيط خسرت الإطار وملابسك أيها الأحمق العبيط.
تنهد مفتاح وقال: سامحيني يا زيتونة لقد كانت تصرفاتي في الآونة الأخيرة مجنونة حسبت أن السعادة تكمن في جمع المال والتخلي عن فكرة انجاب العيال وضيقت وقترت عليك في المعيشة أعلم أن نفسي كانت خبيثة وها أنذا أعلن توبتي وسأخرج ما بحوزتي الآن لنخرج من هذه الورطة في الحال.
اقرأ ايضا قصة الحب بطعم البروكلي
أجابته زيتونة: لا يحتاج الأمر هذه المرة إلى انفاق كل ما عليك أن تدير مفتاح التثبيت بلا اخفاق.
تنهد مفتاح وقال: لكني حاولت مرتين.
ضحكت زيتونة وقالت: كنت تديره عكس الاتجاه الصحيح يا قرة العين.
رمضان كريم ودمتم بكل ود.