قصة كدي يا أم العباس وأصنع لك قبر نحاس - أنامل عربية

 بعض النساء يحدن عن الفطرة ويقمن بأعمال الرجال رغبة في إظهار القوة والقدرة على التحمل وهذا أمر محال، إذ أن النساء مثل القوارير لابد من أن تزين معاصمهن الجواهر ويرفلن في الحرير، تعالين لأخبركن بقصة أم عباس لكي تفيقي يا من تحبي مواجهة الصعاب ومزاحمة معشر الرجال.

صورة أم برقوق
أم عباس


قصة كدي يا أم العباس وأصنع لك قبر نحاس

يُحكي في قديم الزمان عندما كان كل شيء متوفر وبالإمكان ، أن بائعا مُتجولا كان يُدعى داوود بن حمدان كان يعيش في قرية تابعة لمحافظة واحة الأشجان، كان داوود طويل القامة بني العينين قوي البنيان، يجوب ببضاعته الشوارع والبلدان.

 ذات يوم فكر داوود في الزواج وذهب إلى جارته أم مسعود التي أشتهرت بالدجل والشعوذة و كشف المرصود.

 طلب داوود منها أن تختار له فتاة ذات حسب ومال ونبَّه عليها أن اخر ما يعنيه هو الجمال هو يريدها فقط ذات يسار لأنه سأم من الفقر ويريد أن يهنئ ويناسب خير الأصهار.

 طمأنته الجارة أم مسعود بأن طلبه متوافر وموجود، وقتها لمعت عيناه و اتسع من السعادة فاه وقال لها: ما رأيك لو أعطيتك من الدنانير عشرة.

فأجابت بلهفة المشتاق: عشرة دنانير كاملة!!!

أحابها داوود: نعم كاملة يا أم مسعود، شريطة أن تنصتي وتنفذي المقصود.

رقصت الفرحة وأطلت من عينيها وقالت: هات ما عندك فلو أردت أن أقلب ماء البحر إلى طحين، لفعلتها دون تردد في غمضة عين.

ابتسم داوود واعتدل في جلسته وقال: كما تعلمين فأنا لا أجد من قوت يومي في هذه الحياة سوى الفتات وحياتي صعبة يتلازم فيها الضنق والضيق وكأنهما خير جار أو أنا لهما شقيق، لكن ليس من المعقول أن تذكري لوالد الفتاة كل تلك التفاصيل الركيكة أريدك أن تستخدمي مواهبك العتيقة وترشي على باب الفتاة بعض الأسحار التي تجعلني في نظرهم أفضل من شهبندر التجار.

ولا تكثري عن أحوال المالية الكلام، فقط أخبري والدها أني شاب طموح حياتي ليس بها شقاء فليس لي أم  تنغص على زوجتي ولا  قريب تضرر هي من قدومه وتشتكي، 

فأنا كما تعلمين مقطوع ووحيد بل الاقتران بي بداية لسعادة أبدية وسعد غير محمود هل فهمتي كلامي يا أم مسعود؟

أجابته بلهفة وبابتسامة خبيثة:  أعرف  فتاة تُدعى قمر الزمان تسكن في حي الريحان وأبوها تاجر كبير ويملك من متاع الدنيا ما تنوء بحمل أقفاله البغال والحمير.

قصة كدي يا أم عباس وزواج داوود 

تهلل وجه داوود وطلب منها أن تسرع خطاها ومع أن طلب داوود كان بكل تأكيد من وجهة نظر العقلاء مرفوض، إلا أن أم مسعود استخدمت سحرها ومعسول الكلام حتى وافق الأب وفرحت قمر الزمان واعتبرت داوود هو الزوج المنشود صاحب السلطة الذي يعد عنوانا للسخاء والجود.

والناظر بعين الحقيقة يتعجب أشد العجب إذ أن داوود معدم وضيع النشأة حقير النسب ليس هذا فحسب بل لم يكن بين الزوجين أي توافق مادي فهو بائع فقير معدم لا يملك سوى القليل أما والدها فكان من كبار التجار في واحة الأشجان.

أم قمر الحاجة تمارا بعد أن خطت بقدمها فوق ما سكبته أم مسعود من سحر مرشوش، أرتأت أن داوود  مناسب لإبنتها لأنه ليس لديه أطيان ولا أهل ولا خلان، بل كل ماله لنفسه لذلك فإن تحقيق الثروة أمر سهل وبالإمكان وبالتالي ستعيش قمر الزمان في نعيم مقيم في كنف هذا المعدم اليتيم.

قصة كدي يا أم عباس وصفات الزوج المنشود 

الفقر كما تعللت تمارا  بين أهلها لا يعيب أبدا معشر الرجال ما يعيبهم حقا هو حدة الطبع وبداءة اللسان، لكن ما غفلت عنه حقا تمارا بنت كمال أن داوود يجمع كل تلك الصفات وإن شئنا الإنصاف أضفنا انعدام المروءة والبخل وحب المال. 

وما هي سوى أشهر قليلة وأصبحت قمر في بيت زوجها جائعة ذليلة، فداوود لا يعطيها المال و ما يحضره من طعام لا يسد جوع ثعبان فما بالكم بإنسان.

لكن كان هذا التشقف متعمدا منه لأنه أراد أن يشتد جوعها ويشعر أهلها بما تعانيه فيصبوا عليه بعضا من فيضهم وهكذا مع الوقت اعتادت قمر بعد زواجها أن تتسول من بيت أبيها ما يقيم صلبها لأن زوجها العزيز نصحها بضرورة عدم التبذير و التوفير و الحفاظ على كل مال وإن كان يبدو في نظرها مبلغ صغير.

قمر الزمان تتسول الطعام من الجيران

نساء يطبخن
قمر الزمان 


وما هي إلا فترة وجيزة حتى أضحت قمر متسولة بالفطرة فتراها تدق باب الأب وقت الإفطار ثم باب إحدى الجارات في وقت الظهيرة وكل هذا لأجل أن تكسب تعظيم زوجها وأن يمدح ويمعن التمجيد في شأن حرصها و تدبيرها.

رزقها الله بعد عام من الزواج بابنها العباس فأضحى هو الآخر متسولا منذ طفولته ويشحذ في الطرقات من الناس، كانت في أيامه الأولى تحمله على كتفها وتجوب في البيوت، ولم تكن تخجل أبدا من صنيعها فالجوع كافر

 ويفعل الأفاعيل وقد يجعل صاحبة الحياء سليطة اللسان من أجل جرعة ماء، والأدهى والأمر أنها اعتقدت أن هذا واجب مقدس تجاه زوجها لكي يمعن في هواها وعشقها.

 وتغافلت أن بعض الناس قد  تتضرر من سوء طباعها ووقاحة لسانها، فمن هذا الذي يطيق جارة غبية لا تفقه في الذوق ولا الأصول و تدخل وتدق الأبواب في أي وقت مثل البقرة الأكول.

 إذ حتى وإن امتدت أواصر الصداقة لأبعد الحدود فلا بد للأدب والحياء أن يلجم جماح النفس و يصدها عن النظر إلى ما يتمتع به غيرها، اعلموا بني آدم أن للصداقة حدود ولا يليق بالمرء أن يتحرى فقط أوقات الطعام ويهجم على دار صديقه في أي وقت بلا استئذان و يجلس بكل بجاحة وكأنه صاحب المكان.

داوود البخيل المحب للمال

سوق وباعة جائلين
سوق


كان داوود كما أردفنا كثير السفر والترحال يبيع البضائع في البلاد ويعشق التجوال وعند عودته كان كل ما يشغل باله ما قامت قمر الزمان بتوفيره، وكان يحثها على شد الحزام والاقلال من الطعام على قدر الإمكان وكان يخبرها أن ثمرة جهدها ستكون محفوظة وأن جزاء صنيعها و حرصها  سيكون قبرا فاخرا من النحاس مزخرفا بأشعار الحب ومرصع بالماس تكريما لعطائها واعترافا بفضلها.

أما هو فكان يرتدي أفخر الثياب بحجة أنه يستطيع  بذلك مجالسة الوجهاء وعقد الصفقات وبيع البضاعة وكسب المزيد من الأموال.

وضعت قمر الزمان التي أصبحت أم عباس جملة زوجها كنبراس وأخذت ترددها في بلاهة مطلقة وتتفاخر بها أمام النساء " كدي يا أم عباس وأصنع لك قبر نحاس مزخرف بأشعار الحب ومرصع بالدُر ولألماس ".

لاحظت حالها الجارة الجديدة أم برقوق وتساءلت عمن تكون تلك البلهاء التي غاب عن سلوكها الحياء، فأخبروها بحالها و أنها ابنة أحد التجار، لكنها منذ أن تزوجت البائع داوود أصبحت الوقاحة والتطفل على الجيران سلوكا لها معهود، حتى ضاقت منها الجارات وتأففت لقدومها العمات والخالات، فقررت أم برقوق أن تتطوع في مهمة إعادة هذه البائسة إلى رشدها.

أم برقوق تزور قمر الزمان 

أم برقوق وقمر الزمان
جلسة نساء 


دخلت عليها صبيحة يوم العيد وسألتها عن سبب غياب زوجها، فأخبرتها أن قرة العين  بائع متجول في  أرجاء البلاد وأنها تراه بالكاد كل ستة شهور.

تعجبت أم برقوق من أن دارها تخلو يوم العيد من اللحم والثريد، فأخبرتها أنها لا تطبخ سوى عند عودة الحبيب، وأنها تتناول الخبز والماء إلى أن يعود بهي الطلعة صاحب الدار وقتها فقط تشعر بالهناء.

أم برقوق لم يعجبها الكلام وهمت بالمغادرة البيت وقالت لنفسها  "واأسفاه على عقل أم عباس محدودة التفكير "، لكنها إرتأت أن توجه إليها بعض الكلام علها تفقه الحديث و تتدبر معناه: أسفي عليكي يا قمر الزمان إذا كان يحبك أبو العباس لصانك ووضعك فوق الراس و طلب منك في غيابه  أن تأكلي وتشربي وتسعدي.

فما الحاجة لقول كلمة الحب الجوفاء إذا خالفها الفعل وغلبه الجفاء، لابد لكي نصف المحب بالصادق وقرة العين أن يكون مقرونا بالود و يتصف بالإحساس والغيرة على الزوجة من التنقل في البيوت ويا حبذا لو رافق التوجيه بعض اللين".

نظرت أم عباس في بلاهة ولم تعي ما تقصده أم برقوق، وكل ما كان يدور ببالها أن زوج أم برقوق نجار وأنه ميسور الحال، لذلك فبتقربها منها ستجد بابا جديدا تطرق عليه، بدلا من نظرات الازدراء التي أصبحت تراها في عين أم موسى والجارة حوراء والسيدة نوسة.

وبعد أن أغلقت الباب خلفها نظرت إلى العباس وكأن الصغير فهم مرادها فأسرع نحوها و حملته على ذراعها  وانطلقت إلى بيت أبيها لتحصل على بعض الطعام ، فاليوم يوم عيد وبيت أبيها مليء بالبط المشوي والحمام.

قصة كدي يا أم العباس وعودة الزوج الهُمام 

لم يأتي داوود سوى بعد ثلاثة أيام و طمأنته إلى استمرارها في ما تعاهدا عليه وسعيها إلى هدم السور المجاور للدار وضمه للبيت ليصبح أفخم من بيت كبير التجار.

قمر الزمان أصبحت تشبه الرجال

أعجب داوود بفكرتها وأخبرها أنه في طريقه لشراء بعض الأبقار و الماعز وحثها على الاعتناء بهم وضرورة الذهاب إلى حقل بالايجار لجلب البرسيم وتسمينهم، وطلب منها أن تؤخر الإنجاب قدر المستطاع لأنفي الإنجاب تعب للفكر وإضاعة للمال.

وامتثلت قمر لرغبته وأصبحت الأغنام شغلها الشاغل ، ولكن الاعتناء بالأنعام مهمة الرجال في كل مكان وزمان لكن أبا العباس مشغول، فما الضرر في أن تتنازل القمر وتجوب في الحقول لتغذية البقر والأغنام لتحظي عند داوود بالقبول ويمطرها بكلمات الاستحسان.

مع الوقت ازدادت أعداد الأبقار وتضاعفت الأغنام لكن قمر أصبحت تشبه إلى حد كبير معشر الرجال، فلقد أهملت زينتها واهتمامها بشأنها مثل باقي النساء وصارت ملابسها بالية وتسير في الطرقات حافية.

 وأضحت تتهرب منها الجارات ويتملصن من لاقيها ويتأففن من التطلع إلى محياها، فهي جدا بخيلة لا تجود على ولدها بقطعة جبن أو حتى كوب حليب وكل ما تحلبه تبيعه وتكنز ثمنه وأضفر على كل هذا أنها تتصنع الفقر وتدعي الضيق.

ولم تكن ترى غضاضة في سلوكها بل كانت تعد نفسها مكافحة مجدة تطيع زوجها والعجيب أنها بذلك الشح والتضييق تدعي أنها تقية ترضي ربها، لكن من قال أن رضى الرب يكون بالتقشف و الاستغناء عن متع الحياة، 

 التطيب والتزين فطرة سليمة لبنات حواء والابتعاد عنها عواقبه وخيمة ولا تحيد عن فطرة النساء إلا كل جاهلة بهيمة.

وحدها أم برقوق فتحت لها دون بقية الجارات الأبواب وقدمت لها ما تشتهيه من طعام وشراب ولم تطالبها بذكر أي أسباب، كانت أم برقوق ترى أن إطعام  أكباد جياع الناس له أجر طالما سمح أبو برقوق وأجاز التصدق على مُر الزمان، إذ أن القاف ذهبت إلى غير رجعة من شكلها واسمها.

 اقرأ ايضا قصة  مذكرات إمرأة مطحونة  

قصة كدي يا أم عباس ونصيحة الجارة أم برقوق 

جادت أم برقوق على مُر الزمان بالطعام وكانت الأخيرة تتهرب من نظرات التساؤل بكلام داوود وعهده المنشود" كدي يا أم عباس وأصنع لك قبر نحاس مزخرف بأشعار الحب ومرصع بالدر والماس".

أشفقت أم برقوق على تلك البلهاء و أرادت أن تنصحها فما فائدة الأخوة في الدين إن كنا نتجنب النصح لبعضنا ونخاف من التقويم.

في إحدى الجلسات نظرت أم برقوق إلى قسمات وجه أم العباس وقالت لها لماذا أهملت زينتك وابتعدت كثيرا عن بهجتك وقبل أن تجيبها بالسبب الوجيه ونذكر الأنشودة التي لا يؤمن بها سوى المعاتيه ، بادرتها بكلمة نافذة وقالت: "إنك لا تشبهين في هيئتك الحالية صنف الحريم بل أنت في هيئتك هذه  أقرب إلى شيطان رجيم، أفيقي يا إمرأة وعد زوجك مثل وعد الشيطان ماهو إلا غرور، فلا تضيعي حياتك في حرمان نفسك وكبت رغباتك.

ألا تغارين من النساء أيتها المرأة البلهاء، لم أرك يوما تضعين المساحيق وثيابك البالية لم تبدليها حتى في يوم العيد هل أنت حمقاء أم أنك لا تفقهين؟"

قمر الزمان تتفلسف على أم برقوق 

أجابتها مُر الزمان: أنا زوجة مكافحة أقف بجوار زوجي وأساعده مثل بقية النساء وكل ما أقوم به من أجل أن أسانده إنما هو واجب شرعي والزينة أمر ثانوي ما دام الحب موجود وأنا أهيم عشقا في جمال داوود.

تعجبت أم برقوق وقالت : ومن قال لك أن ما تفعلين هو حال النساء، ألا تغارين عندما ترينهن وعليهن طلة البهاء ومعاصمهن تزدان بالغالي والثمين.

قبح الله من كانت على شاكلتك هل انسلخت من بنات جنسك وجنحت إلى حال الرجال مالك أنت وأعمال الحقول و تربية الماعز و الأبقار و بيع النعال. 

ما رأيك يا حلوة الحلوين أن أكشف الغطاء وأجعلك ترين حقيقة هذا الزوج البخيل اللئيم.

أجابتها قمر الزمان: أي حقيقة وأي غطاء إن داوود مخلص و شيمته الوفاء.

وأنا  لا أسعى إلى ترك أبي عباس حتى لو اعطوني أضعاف  وزنه ألماس فهو سندي وسيد الرجال وحياتي بدونة شئ محال حتى لو اعتدى عليّ وضربني فهو معزور لأنه رجل بمعنى الكلمة وغيور.

ومن قال انك ستتركيه فقط أريد أن أجعلك تفيقي من الأوهام التي جعلتك أشبه بالمساطيل وقربتك من حياة الأنعام، وكيف تدعين غيرته وأنت يا أم العباس في بيوت جميع الناس، من يغار يمنع زوجته من طرق الأبواب ويخاف على ظلها أن يظهر للأغراب ولا يتركها ابدا مثل  تطرق الأبواب من أجل كسرة خبز مثل السنجاب.

دخل الشك إلى قلب قمر الزمان وتتبعت داوود عادت بالحسرة وخيبة الرجاء فالزوج الوفي يبحث عن عروس جميلة صغيرة تشاركه حياته التي يملؤها البؤس بسبب مرض زوجته.

داوود وزوجته الجديدة هيام

هيام زوجة داوود
هيام 

 كذبت قمر نفسها وما رأته عينها واستمرت في الإنكار إذ أن المرء في بعض الأحيان يكذب نفسه ويصدق الكذب ويؤثره بدلا من المواجهة وخوفا من الخذلان ، إلا أن المستقبل لم يؤخر طعنته بل عاد المخلص إلى الدار ومعه زوجته، التي اختار لها الجناح الجديد وفرشه بأبهى الأثاث وكان في هواى هيام مثل الأسير وكيف لا وكلامها قليل لكن خصامها إن غضبت وتعكر مزاجها مثل ليل طويل.

كانت هيام صغيرة مدللة ولا تعرف الطبخ ولا الخبيز بل تريد خادمة لتعينها على ترتيب البيت و تلميع الأثاث.

 ولنكون منصفين فإن داوود لم يتحمل نفقة قمر وضاق ذرعا بها فطردها بعد يومين شر طردة ووصفها بأبشع الأوصاف وبذيئ الكلام، ثم طلقها لمدة خمسة أعوام، ولم يكتف بهذا بل أشاع أنها  أصبحت عقيم بعد أن أنجبت العباس وهو يرغب في المزيد من البنين.

 علل داوود زواجه أنه يريد أن يكثر من الذرية لكي يباهي بعياله رسول الله صلى الله عليه وسلم وسط البرية، وما أقبح أن يتذرع المرء بالدين عندما يقوم بفعل مشين.

 لم تتحمل قمر الزمان صدمة زواج داوود فتارة تلعنه و تتكلم عن سوء عشرته وتارة أخرى تشتاق إلى حياة الذل وصارت تخرج خلسة من بيت أبيها وتذهب إلى بيوت الجيران وتطلب منهم أن يتوسطوا في عودتها.

عندما علم داوود بتوسلها و بكاؤها هنا وهناك خيّرها داوود بأن تعود إلى عصمته صوريا كخادمة لهيام وتكون بجوار ابنها العباس دون أي حقوق شخصية فقط الطعام والشراب و بين البقاء في بيت أبيها فقبلت العودة دون تردد، مع أنها كانت معززة مكرمة و تتنمر على زوجات إخوتها وتدعي

 النصاحة والتدبير، وتفتعل المشاكل معهن وتقول دوما أنها سيدة البيت وهي الآمرة الناهية ومن تخالف فلتذهب في أي داهية. كانت أمها تقف دوما في صفها متعللة بأنها مطلقة حزينة ولابد أن تحيا حياة كريمة لكي تنسى ما فات.

عندما أخبرت أخوتها برغبتها في العودة إلى عصمة أبي العباس طالبها ذويها بالتعقل والتريث وألا تسعى للعودة للهلاك، لكن بعض النساء يعشقن جلادهن ويظهرن له الطاعة والولاء وتعللت بأنها تريد أن تربي في أحضانها حبيبها العباس الذي لم ير منها سوى البؤس والشماتة من الناس.

 وبعد أن أعادها لعصمته أخبرها أن هيام بعد طلاقها وسعت جناحها وضمت إليها قسمها وطلب منها أن تنام في الدور السفلي بجوار الأبقار والأغنام لتتمكن من حلب البقر وصنع الأجبان، وتبخرت آمال قمر في قبر النحاس بعدما رأت هيام ترفل في الدُر وتزين معصمها أساور الذهب المرصعة بالألماس.

قصة كدي يا أم العباس و الذل والهوان مصير قمر الزمان 

ومع أن قمر الزمان ارتضت بالذل إلا أنها لم تكن تسلم من سياط داوود التي كانت تنهال عليها تارة في الصباح وأحيانا في المساء، وكأن الذل جرى في عروقها مجرى الدماء.

شاهد فيديو سأتغلب على أنانيتك المفرطة يوما ما 

أرأيتن معشر النساء من تهمل نفسها ولا تكثرث سوى لجمع المال لن تجنى سوى الحسرة وضياع الآمال.

عودي زوجك طالما معه أموال وعيشته ميسورة على طلب ما تحتاجين من الأموال ولا تتسولي عند أهلك والجيران وإياك وسلوك مسلك قمر الزمان، وتزيني وارتدي أبهى الحلل لكي تسعدي، وإلا فإن مصيرك سيكون مثل أم العباس التي حلمت بقبر لتكريم جهدها مصنوع من النحاس.

دمتم بكل ود.

1 تعليقات

رأيك يهمنا

أحدث أقدم