قصة قل لي كيف أنجو منك قصص قصيرة جزء ٢١ - أنامل عربية

الحرب النفسية دائما ما تكون طاحنة بشكل مرهق ما بين شعور الفقد وشعور الخوف هل يستطيعان كلاهما التغلب على هذا الشعور دعونا نرى ما يجري أيها السادة الأفاضل.

قصة قل لي كيف أنجو منك للكاتبة نجوى المهندس
لقاء دكتور عمر

قصة قل لي كيف أنجو منك 

الساعة تشير إلى الثانية ظهرا صالة الانتظار لم يبقَ بها سوى الرجل البائس، يحمل بين يديه كتاب عنوانه لا بطعم الفلامنكو للدكتور النفسي محمد طه مكتوب بالعامية

 المصرية ليتم الاستفادة منه بشكل أوسع أعجبته الفكرة وأغرم بها لكن محتواه رائع ومذهل غاص لمدة ساعة ونصف به دون أن يدرك الوقت والانتظار حتى قاطعه صوت السكرتيرة سيدي إنه دورك الآن.

الرجل البائس : شكرا لك سيدتي بخطوات خجولة وهو يحضن الكتاب متوجها لمكتب د. عمر مرحبا كيف حالك د. عمر؟

د. عمر: بخير وأنت كيف حالك أيها الرجل البائس؟

سكت لبضع دقائق وهو يتلفت بعينيه في أركان المكتب، ارتعاشة بيديه ودقات قلبه تتزايد العرق يتصبب منه وعروقه تظهر بارزة فجأة قطع صوت د. عمر هذه الحالة غير المتوقعة لياسر....

 ياسر ياسر هل أنت بخير ؟ الدموع تتهاطل من عينه وصوته مبحوح ويتكلم بصعوبة لا يستطيع التنفس ومع ذلك قال وهو بالكاد يأخد أنفاسه د... ك... ت... و... ر هل سأ.... فق..... دها..... ه.... ي.... الأ.... خ.... ر.... ى

د عمر يصرخ بأعلى صوت أيتها الممرضة بسرعة حقنة، فلتأتيني بحقنة لتهدئته إنها نوبة ذعر أتت راكضة إليه بالحقنة، حقنوه وظل مستلقيا غارقا في اللاوعي لمدة ساعة وبعدها استيقظ لا يعرف ما جرى مذهولا وخائفا.

د عمر : لا عليك يا عزيزي نوبة ذعر مرت بسلام أنت شجاع هل تذهب إلى البيت ونؤجل الموعد للغد؟

الرجل البائس : لا أرجوك أريد الحديث معك بشدة انتظرت شهرا كاملا وأنا منتظر هذا اللقاء.

د. عمر : حسنا لك ما تريد من أين نبدأ؟

آه تذكرت من هي التي تخاف من فقدانها؟

الرجل البائس : في الحقيقة عندما أشعر بأنني سأفقد شيئا رغم محاولاتي في التمسك به تأتيني هذه الحالة لا أعرف ما سببها حقا لكنني ترعبني فكرة الفقد وتربكني فكرة الفراق منذ أن أتيت إلى هذه الدنيا وأنا أفقد كل شيء في البدء فقدت طفولتي ومعها أبي ومن ثم فقدت عملي

 وحبيبتي وصديقي وفقدت أمي أيضا وحريتي وراحتي أستيقظ دائما متأهبا لفكرة الفراق والفقد دفعة واحدة قلبي لم يعد يقوى على ذلك وأنا متعب ومرهق لا أعرف ما الحل.... 

قصة قل لي كيف انجو منك سقوط ياسر
سقوط ياسر 


قصة قل لي كيف أنجو منك - نوبة جديدة

وضع يديه على وجهه كأنه يختبئ من شيء ما وداخله يصرخ أنت عار أنت عار أنت فاشل أنت هزيل أنت لا تصلح للحب نهض يركض في المكتب يقول إنه هو ثانية إنه هو لا يتركني أبدا إنه صوت ذلك الحقير ذلك الرجل الذي شوهني ويصرخ ويصرخ حتى سقط مغشيا عليه السكرتيرة ود. عمر في صدمة مما رأوه د.عمر ما العمل هل جن جنونه؟

د. عمر : لا لم يجن جنونه إنه في مرحلة المواجهة وهذه المرحلة مصيرية إذا تغلب على صوته الداخلي سوف ينجو بكل تأكيد.

وضع د. عمر العطر على مقربة من أنفه لينهض ياسر ونهض أخيرا وهو متعب وغير قادر على الوقوف.

د. عمر : لا عليك لنستمر أنت في الطريق الصحيح.

الرجل البائس : لقد سمعت صوته ينعتني بشتى الكلمات كأنت فاشل وعار وما إلى ذلك إنه والدي أو الحقيقة إنه ذلك الوغد لم أتخلص منه ظننت أنني تخلصت منه لكن دون جدوى.

د. عمر : عزيزي ياسر نحن نمر بمراحل مهمة في الحياة وخاصة عندما تصادفنا صدمة ما في بادئ الأمر نرفض ولا نستوعب وبعدها نغضب كثيرا وبعدها تأتي مرحلة التقبل نحن لا نتخلص من الأعباء، بل نتقبلها.

هل فهمتني عندما تتقبل ياسر الطفل بمعاناته وإخفاقته وتتعلم كيف تتصالح مع الأمر كما هو ستقبله وأيضا مع ياسر المراهق وكذلك ياسر الشاب نحن لا نختار أقدارنا وابتلاءتنا ولا نختار من يدخل ومن يخرج لحياتنا نحن لنا الحق الاختيار في المعاملة، هل ستعامل الآخر بالمثل أم بما يرضي الله ويرضيك؟ 

أبوك كان شخصا قاسيا على ما يبدو وربما مارس عليك العقاب المعنوي والجسدي وهذا لا يعني لأنك أنت عار أو فاشل بل يعني أن أباك شخص كان مريض ولم يتعالج ومارس عقده عليك أنت شجاع ولست جبان مثله يكفيك أنك تحاول شرف المحاولة يغنيك عن كل شيء.

الرجل البائس : الصراحة أنا شخص جبان لا يقدر على المواجهة عندما قلت لي اكتب لم أتقبلها لكن لولاها هي لما كتبت. 

هل الحب يصنع المعجزات ؟ كما يقولون هي قوية وأنا قوي بها عندما ترحل أظنني سأهلك. 

د. عمر: من هذه؟ 

الرجل البائس : إنها فتاة مختلفة وعظيمة دخلت لحياتي بشكل عبثي فعبثت بداخلي بكل رقة وأنا مغرم جدا بهذا العبث، أحيانا بعض الفوضى ترتبك. 

د. عمر : هل تحبها هي أم تحب شيئا آخر؟

الرجل البائس : كيف ذلك الحب هو الحب هذا ما أعرف. 

د عمر : لا يا عزيزي هناك أنواع من الحب هناك حب مشروط وهو الحب المقرون بفعل شيء ما ليحبك الطرف الآخر، وهناك من يحب مظهرك ففط وهناك من يحب عقلك فقط وهناك من يحب فقط التسلية الناس متنوعة في

 أشكال الحب أحيانا يُخيل لنا أننا نحب الآخر كما هو ولكن مع أول هجمة مرتدة نسقط وتسقط معنا معتقداتنا؛ لذا سؤالي لك هل أحببتها هي كما هي أم أحببت قوتها؟

الرجل البائس : الحقيقة أنت فتحت زوبعة كبيرة في رأسي كلامك زعزع داخلي من جديد كيف سأعرف ذلك يا دكتور؟

د. عمر : هذا السؤال إجابته عندك وليست عندي الآن انتهت الحصة، لنجعلها بعد أسبوعين ما رأيك؟

الرجل البائس : حسنا كما تريد سيدي شكرا لك.

خرج ياسر من العيادة وهو محبط من جديد ذلك السؤال جعله يفكر في الأمر من جديد وقال في سريرته :

هل أنا أحبها هي أم أحب قوتها ؟

هذا أصعب من أطروحة فلسفية يجب حلها سأمشي هذا هو الحل المشي يساعد على التأمل.

قصة قل لي كيف أنجو منك لقاء نوال وزهرة
نوال وزهرة 


قصة قل لي كيف أنجو منك _ الخوف

كعادتها نوال تجلس بين رفوف المكتبة تقرأ كتاب لكن هذه المرة لا تقرأ كتاب وليست لديها رغبة في قراءة شيء لكن شعور الخوف يعتريها من جديد وفجأة تربت صديقتها زهرة على كتفها وتهمس في أذنها كيف حالك ؟ فيمَ أنتِ سارحة؟

نوال : مرحبا عزيزتي أنا بخير ،وأنت كيف حالك الحقيقة وفجأة صمتت وراح تفكيرها إلى الرجل البائس ونسيت بأن زهرة بجانبها كأنها هي وخوفها فقط الموجودان في عالمها انسلخت من الواقع وانغمست في واقعها زهرة تشير إليها بيدها وهي غير مبالية وفجأة صوت ارتطام الكتب أيقظها من رحلتها المحفوفة بالمخاطر.

زهرة : حالك لم يعجبني، ما بك أيمكنني المساعدة؟

نوال : أتذكرين قصتي مع فؤاد؟

زهرة : نعم، وأظنها انتهت أليس كذلك؟

نوال : صحيح في الحقيقة اكتشفت أنني تعودت عليه ولم أحبه والآن ظهر شخص جديد بحياتي وأنا في حيرة من أمري.

زهرة : نوال عزيزتي أنت تخافين من تكرار تجربة الفقد أليس كذلك وهذا شيء طبيعي نحن البشر نعيش علاقة طاحنة مع الفقد وأهمها الموت هو أول معلم يخبرنا بالفقد ما رأيك؟

نوال : صحيح قولك لكن هذا الشخص أشعر معه بأنني أنا لا أخجل من نفسي يوما وأنا معه.

زهرة : جيد جدا ما هو العائق إذا؟ ولمَ الخوف؟

نوال : هو شخص ضعيف وقوي بالوقت نفسه إنه مضطرب نفسيا ودوما ما أطرح على نفسي هذا السؤال هل قوتي ستكفيه ؟ وخوفي هو هل علاقتنا ستكتمل أم ستتوقف؟

زهرة : كلنا يا عزيزتي مظطربين نفسيا لكن بدرجات متفاوتة ليس إلا، أما عن خوفك عن المستقبل فهو بيد الله نحن مهمتنا المحاولة وكل شيء على الله يكفي أن تكون النية خالصة وطاهرة.

نوال : كلامك جميل هدأني شكرا لك

زهرة : عندي لك نصيحة عزيزتي الخوف هو شعور جميل لكن إن تغلب علينا سلب منا متعة الحياة تعلمي كيف تهزمي خوفك أولا وبعدها ستهزمين شعور الفقد والفراق هذه الأمور ليست بأيدينا لذا سلمي أمورك لله ولا تخافي.

نوال : صحيح نحن البشر لسنا كاملين الكمال لله وحده، ربما نصلي ونصوم ونقرأ القرآن لكن أحيانا رغباتنا تغرينا وكذلك الحياة والشيطان إيماننا يختبر بطرق مختلفة لقد سقطت في الفخ وأعترف الخوف والتفكير المفرط يعني

أننا لا نثق بالله كثيرا وهذا يستدعي مني وقفة مع نفسي شكرا لك أيقظتي نقطة سوداء بداخلي سوف أحاول جاهدة أن أتغلب على خوفي.

شاهد فيديو ما تراه عاديا قد يكون بالنسبة لغيرك أعجوبة

اقرأ ايضا قصة قل لي كيف أنجو منك جزء ٢٢ 

زهرة : لا عليك إنها مقادير الله لم نجلس أنت وأنا هذه الجلسة عبثا سوف أتركك إلى اللقاء دمت في رعاية الله وحفظه.

نوال : وأنت كذلك عزيزتي شكرا لك بحجم السماء والكون.

يتبع....

رأيك يهمنا

أحدث أقدم