مازالت مملكة القمر الأحمر تفتح أمامنا أبوابها لنقترب من سكانها ونعرف ما يقلقهم، قد يكون الماضي أليما للملكة رغداء لكن هل يحمل المستقبل في طياته الأمل؟
مملكة القمر الأحمر |
قصة مملكة القمر الأحمر
انتهى الحفل وعاد كل إلى مأواه وعلى الرغم من الضحكات التي غطت سماء القصر والملابس الفاخرة والعطور التي تمازجت بشكل بديع، إلا أن جمال العطور لم يساعد على إزاحة ما في الأنفس من هم وقلق.
عادت رغداء إلى حجرتها متعبة لم يكن ما يشقيها تعب الحمل ولكنه الهم خشية ألا تكمل شهور حملها ويضيع أملها بعد أن أوشكت على الحصول عليه.
هذا هو الهاجس الذي سيطر على تفكير ملكة البلاد عاد شريط الذكريات الأليمة ليتدافع أمامها وكأنه كره أن تنعم بليلة واحدة في صفاء وهناء.
قصة مملكة القمر الأحمر - ماضي أليم
تذكرت حبها الأول الذي ملأ قلبها سعادة وهناء وجعلها ترى الحياة من منظور آخر بعد أن كانت في عداد الأموات، فتحت مذكراتها وتذكرت سلسلة الحروب التي خاضتها مملكة الشموس.
لم تستطع الشكوى حينها لأنه حال الجميع ولا يحق لها أن تطالب بوقف الدماء، إذ هي ابنة الحاكم وحري بها أن تساند توجهات أبيها ووطنها.
كان والدها كريما قوي الشخصية يحمل صفات الفرسان ولم يكن يعيبه سوى تعطشه الدائم للحرب ورغبته في امتداد نطاق مملكته دون وعي أو تدبر في تبعات قرارته الهوجاء.
كانت لا تدري هل الحرب قدرها أم أن حب الناس لسفك الدماء هو السبب في هذه المعيشة القاسية.
عانت مملكة الشموس من حصار اقتصادي وويلات فقدان الأباء والأبناء والإخوة.
قصة مملكة القمر الأحمر - وعكة صحية مفاجئة
ذات نهار دخلت على والدتها فوجدتها تعتصر من شدة الألم، شعرت بالعجز فهي وإن كانت ابنة الحاكم والسلطة والمال في يدها إلا أنها لا تستطيع حتى أن تحضر طبيبا لعلاج والدتها فكل الأطباء في ساحة الحرب لتطبيب الجرحى ولم يتبقى في المملكة سوى القابلات ليساعدن النساء الحوامل.
نظرت من النافذة وأخذت تلعن الحروب التي سلبتهم حتى رؤية النهار لم يكن يلوح في الأفق سوى صوت المدافع وألسنة اللهب.
قصة مملكة القمر الأحمر - حنان الإبنة
أخذت تمسح بكفها على شعر والدتها وتبادلت الأدوار وكأنها هي الأم فوضعتها في فراشها وأخذت تهدأ فيها و
تغني لها أعطتها مشروبا دافئا على أمل أن يخفف من وطأة الألم الذي استبد بجسدها مؤخرا غفت الأم فنظرت رغداء إلى وصيفتها زمردة وأومأت لكي تحضر لها وسادة تضعها تحت رأس والدتها.
أحضرت زمردة الوسادة فوضعتها برفق تحت رأس والدتها، ونهضت من فراش أمها بحذر.
تبعتها زمردة إلى جناحها في القصر ولاحظت أن رغداء قد عزمت على فعل شيء ما فبادرتها بسؤال: ما الذي يشغل فكر مولاتي؟
رغداء: ألا ترين يا زمردة كيف تتدهور حالة والدتي وتسوء يوما بعد يوم.
زمردة: أسال الله أن يهب لها الشفاء.
رغداء: لن يأتي الشفاء إلا عندما نأخذ بالأسباب.
زمردة: ما باليد حيلة إن أطباء مملكة الشموس في ساحة الحرب ولم يعد سوى الحكيم ناصح و الحكيم جرير الأول عاد بلا قدميه ورأسه أصابه الهذيان من هول ما رآه والآخر عاد محمولا على الأعناق ولحق بأخيه وشاركه الجوار في القبر.
قصة مملكة القمر الأحمر - البحث عن طبيب
رغداء: لن أقف مكتوفة الأيدي وأمي تضيع مني وأبي لم يعد يشعر بوجودنا شغلته المعركة عن رفيقة عمره و استحوذ عليه حب النصر ولم يعد يبالي بمن يتألم.
زمردة: لكن أباك يجاهد من أجل مملكة الشموس.
رغداء: أي جهاد هذا، الجهاد يكون لإعلاء الحق ونصرة المظلوم أما ما يقوم به أبي فهو لتحقيق مجد في خياله، كل الدماء التي سالت في رقبته وكل الأرواح التي بقيت على قيد الحياة أصابها القهر و الحزن جراء فقد أحب الناس إليها.
أبي لم يرحم الأموات سلبهم الحياة ولم يرحم الأحياء إذ هم أحياء بالاسم لكنهم في الحقيقة أموات.
زمردة: مولاتي حبا بالله ورفقا بنفسك لا تتفوهي بهذا الكلام، أنت ابنة الحاكم وسنده في الدنيا فكيف بك تلوميه على حرب مقدرة في الأزل.
رغداء: ويحك أنفعل الدواهي ونعلقها على شماعة القدر، نحن من سعينا لسفك الدماء، زمردة اذهبي وابحثي لي عن ملابس تناسبني في خزانة أبي.
فتحت زمردة فمها لا توجد ملابس لك في خزانة والدك جميع ملابسك هنا في جناحك الخاص.
رغداء: هل أنت حمقاء إلى هذا الحد، أريد شيئا يناسبني من ملابس والدي وعمامة وحذاء ولا تتأخري.
هرولت زمردة إلى جناح الحاكم وفتحت أبواب خزانته وقال في غيظ وكيف أجد هنا ما يناسبها والحاكم أضعاف أضعاف حجمها.
أخذت تقلب على مضض حتى وقعت عيناها على رداء وعمامة.
وضعت الملابس بين كفيها وعند خروجها وجدت "ذاكر " حارس الجناح لها بالمرصاد فقالت له في حزم: أين كنت أيها المتراخي المتكاسل وكيف تترك باب الحاكم بلا حراسة، لأرفعن حالك وتهاونك للملكة.
قصة مملكة القمر الأحمر - زمردة تحتال على الحارس ذاكر
تلعثم ذاكر وقال لها: أقسم بالله أني كنت في حاجة لي ولم أستطع تمالك نفسي.
زمردة: حاجة لك أي حاجة وأنت مكلف بحراسة جناح الحاكم.
ذاكر: ويحك ألا يحق لي أن ألبي نداء الطبيعة الأم مثل باقي الناس؟
زمردة: أي طبيعة وأي أم أعلم تماما أنك يتيم الأبوين.
ابتسم ذاكر وقال لها: يبدو أنك ضعيفة العقل لن اجادلك، اذهبي من حيث جئتي.
فرحت زمردة بطلب ذاكر و هرولت إلى جناح الأميرة وفتحت الباب في فخر وقالت: يجب أن تتم مكافأتي على ذكائي الحاد، أنا هنا في المكان الخطأ حري بوالدك أن يلحقني بقسم المحققين ويجعلني القائدة عليهم جميعا أو على الاقل رئيسة مخفر الشرطة.
ابتسمت رغداء: وماذا فعلت أيتها المحققة زمردة؟
زمردة: هه ها ها فعلت الكثير عاجلت ذاكر وحاصرته بالأسئلة حتى لا يسألني عن الملابس ولا عن سبب دخولي للجناح الملكي، كما أنني تظاهرت بالغباء لينفذ صبره ويطالبني بالرحيل، الرجال هم الرجال حمقى لذا لابد من إدعاء الغباء حتى نفلت من قبضتهم.
ضحكت رغداء وقالت: ولكن أين الحذاء؟
زمردة: مولاتي والدك بحجم فيل كبير فأنى يناسبك حذاؤه، سأذهب إلى ذاكر واستعير حذاؤه.
رغداء: إذا عدت لذاكر سيتذكر فعلتك ويحقق في الأمر نجوتِ مرة وسلمت الجرة، ابحثي عن حذاء آخر.
زمردة: أمرك يا مولاتي.
غابت زمردة لدقائق وعادت بعدد لا بأس به من الأحذية تعجبت رغداء وسألتها من أين جئتي بكل هذه الأحذية؟
أجابت زمردة في زهو: ألم أخبركِ مولاتي أني أستحق قسم المحققين، لقد نزلت لعمال القصر وقلت لهم إن الحاكم يدعو للتبرع بالأحذية لصالح جمعية مقطوعي الأرجل فهموا بخلع أحذيتهم.
ضحكت رغداء وقالت: أنت داهية يا زمردة الآن اذهبي وأحضري لي حصاني "مُعمُع" إلى باب القصر الخلفي.
زمردة في تعجب: "مُعْمُع" وباب القصر الخلفي!! هل أنت عازمة على مغادرة القصر؟
أجابت رغداء: أجل هناك عطار في آخر المملكة سأقصده وأصنع ترياقا لأمي.
زمردة: أها العطار بكار أعرفه فهو زائع الصيت، ألهذا السبب تخفيت في ملابس الرجال؟ يمكنك أن تدوني ما تشائين وأذهب بنفسي وأجلب لمولاتي الملكة الترياق.
رغداء: لا لن تعرفي مقادير المكونات وأخاف أن يكون ترياقك سببا للبلاء لا الشفاء.
سأذهب بنفسي لبكار وأطلب مشورته فهو على دراية بخصائص الاعشاب وإذا استيقظت أمي من غفوتها فاشغليها حتى أعود وإذا سألت عني فأخبريها أن المعلمة برقوقة حضرت لتدرس لي أصول الظهور في الحفلات الملكية وأمي تعي تماما أن برقوقة مجنونة وعصبية لهذا لن تفكر في إنهاء الدرس قبل موعده.
زمردة: أمرك يا مولاتي، لكن لا تتأخري.
رغداء: إذا تأخرت فاطلبي برقوقة واحضري بعض الجواري واطلبي منها أن تعلمهن أصول تقديم الطعام، وجود برقوقة وصياحها سيشغل الجميع ريثما أعود.
قصة مملكة القمر الأحمر - رحلة في علم الغيب
قابلت رغداء زمرد عند باب القصر وانطلقت بفرسها وتخطت شوارع المملكة بسرعة الريح كأنها فارس حقيقي.
وعندما وصلت إلى أسوار المملكة أشارت للحارس أن يفتح الباب تعجب الحارس من وجود هذا الفارس فأيقن أنه إنما جاء حاملا رسالة من الحاكم ويبدو أنه في طريقه للرجوع إلى ساحة القتال، فاظهر له الاحترام وفتح الباب بلا توان.
عندما خرجت رغداء من باب المملكة الكبير أخذت تتحسس الحقيبة وأخرجت خريطة واتجهت صوب الشمال.
لم تكن رغداء تقصد العطار بكار كما أخبرت زمردة وإنما قصدت مملكة الدجى، فهي مشهورة بكثرة الأطباء وفي كنفها جامعة مرموقة لتلقي علوم الطب وفنون المداوة
كانت دائما ما تسمع بها من برقوقة إذ أن برقوقة حضرت لمدة عامين في صفوف النساء لكنها كانت كما تصف نفسها في قمة الغباء ولم تستوعب مواد التدريس وكانت ترسب في كل الاختبارات لهذا تم فصلها، فقررت أن تتجه لتدريس أصول اللياقة لدى النبلاء فذاع صيتها وأصبحت بما تدرسه من الوجهاء.
عندما اقتربت رغداء من أسوار مملكة الدجى خفق قلبها بشدة من الخوف فهي إذا كُشف أمرها جاسوسة ومصيرها حبل المشنقة بلا جدال.
لكن لم يكن هناك حل آخر فأطباء الدجى هم أملها لنجاة أمها، أوقفها حراس البوابة وسألها أحد الحراس إلى أين ذاهب يا رجل؟
حاولت رغداء أن تغير نبرة صوتها ليكون خشنا كما الرجال فاجتهدت واستجمعت قواها وأجابت الحارس :أنا قادم لمملكة الدُجى لشراء الحرير فهناك عرس في مملكتي لابن تاجر كبير وأنا أبحث عن أفضل الأنواع لهذا قدمت قاصدا السوق الكبير فإذا وجدت مطلبي ستحصل على مكافأة كبيرة من عند خروجي.
تهلل وجه الحارس وسأل رغداء أحقا ستعطيني مكافأة إذا وجدت مقصدك يا رجل؟ ما اسمك أيها الخياط؟
أجابت رغداء: أنا حسن العياط من بلدة مسرات.
الحارس: أكرم بك يا حسن تسوق واشتر ما تشاء وعند عودتك في المساء أتوقع أن تحضر لي من السوق بعض الحساء.
ضحكت رغداء وقالت: أحقا لا تريد سوى الحساء؟ لقد عزمت أن اشتري لك فطيرة تفاح.
الحارس: فففففطيرة تفاح!!
يالك من خياط كريم، أنا في نوبة الحراسة حتى منتصف الليل تسوق كما تشاء وعند عودتك نادي وقل أريد الحارس سهيل بن نفيل وإياك أن تعطي الفطيرة لأيا كان انتظرني وقل لهم إنك ابن خالتي فهمت يا حسن؟
رغداء: حسنا يا سهيل سأتركك الآن وفي الليل يتجدد إن شاء الله اللقاء.
الحارس سهيل: أرجو أن تعود مجبورا يا حسن وتصحبك السلامة.
رغداء: إلى الملتقى عند المساء يا سهيل.
دخلت رغداء إلى شوارع المملكة وسألت بعض المارة عن مكان جامعة الدجى للطب والدواء فأشار لها الصبي أن تواصل المسير حتى تفارق الوادي الكبير فالجامعة تقع في وسط الغابة بعيدا عن العمران حتى يحصل نزلاء المستشفى الملحق بها بالراحة والهدوء.
أسرعت رغداء صوب الغابة ولم تشأ أن تسلك الطريق الرئيسي حتى لا تقابل المزيد من الحراس ونزلت من فوق فرسها وقادته بين الأشجار.
بعد مسيرة ساعة كاملة بدت جامعة الدجى في الأفق كان البناء كبيرا كأنه قصر للحاكم وينم عن الشموخ ربطت رغداء معمع في أحد الأشجار وقررت أن تسير على قدميها.
بعد مسافة قصيرة وجدت بساطا فوقه بعض الكتب وصرة يبدو أن بها طعام لم يجذب انتباها سوى جرة من الفخار فركضت لتحصل منها على بعض الماء.
مستشفى المملكة |
قصة مملكة القمر الأحمر - كشف هوية رغداء
بعض أن شربت وهمت بمواصلة المسير سمعت من يقول: توقف مكانك أيها الأحمق القصير.
التفتت رغداء فوجدت شابا غاضبا صاح بوجهها ألا تعي يا رجل أصول الاستئذان؟
أجابت رغداء: معذرة يا سيدي فأنا مسافر غريب.
فسألها الشاب: هل أتيت قاصدا العلاج أم أتيت زائرا لأحد المرضى؟
أجابت رغداء: أتيت بغرض الزيارة.
سألها مرة أخرى: ما اسم قريبك الذي تريد زيارته فأنا مكلف بكتابة سجلات المرضى بعد ساعات الدرس.
تلعثمت رغداء وتلكأت ولكنها قالت: اسم قريبي عامر.
أخذ الشاب يردد: عامر عامر هناك اثنان باسم عامر.
تنفست رغداء الصعداء فور سماعها ذلك.
لكنه سألها أي عامر تريد الذي يعالج من الحروق أم عامر الذي به داء الجرب؟
حاولت رغداء جاهدة أن تكتم ضحكتها وتمالكت نفسها وقالت في أسف: عامر الذي به داء الجرب.
هنا صاح بها الشاب: هل أنت مجنون يا رجل! الجرب داء مُعدي ربما انتقل إليك، لا أنصحك بزيارته الآن، يقدم له الممرض الدواء من وراء حجاب ولا يخالطه أي إنسان.
نظرت رغداء للأرض فشعر الشاب بالأسف: اعتذر إن ضايقك كلامي، لكن و إن كان قريبا منك لهذه الدرجة أنصحك أن تتمهل وتعود الأسبوع القادم فحالته تتحسن.
سألته رغداء: هل تدرس هنا؟
أجابها: نعم تخرجت منذ شهرين ولكني أواصل الدراسة كما تعلم يا رجل فبحر الطب ليس له شاطئ.
تهللت أسارير رغداء وسألته مرة أخرى: هل تستطيع تشخيص الأمراض ووصف الدواء؟
أجابها الشاب: نعم ولكن كما تعلم لست في مستوى العلماء الكبار فما زلت أفتقر للخبرة الكافية.
رغداء: لكنك تقدر على التشخيص على الأقل؟
أجابها: نعم.
رغداء: ما رأيك إذا أعطيتك صرة من الدنانير مقابل فحص أحد المرضى؟
الشاب: صرة من الدنانير !! أتسخر مني؟
رغداء: كلا أنا في حاجة لأحد الأطباء.
الشاب: اذهب لمقر الجامعة والمبلغ كفيل بأن يفحص مريضك أحد كبار الأطباء.
رغداء: لا أستطيع.
الشاب: لماذا؟
رغداء: المريض ليس مقيما في المملكة ولا أستطيع أن أحضره للمشفى.
الشاب: أين يقيم المريض؟
رغداء: في مملكة مجاورة.
الشاب: أي مملكة؟
رغداء: مممم مملكة الشموس.
رغداء و مهاب |
قصة مملكة القمر الأحمر - رغداء تقترب من الموت
الشاب: أيها الجاسوس القذر أهي حيلة دنيئة منك حتى تخطفني؟
وأخرج الشاب خنجر كان يحمله ووضعه على عنق رغداء التي أحمر وجهها وخفت صوتها وقالت: أقسم لك أني لست خاطف وما أتيت لأذيتك.
الشاب: وهل سأصدقك أيها الحقير منذ شهر عثرنا على جثة طبيب حاول مقاومة أحد الخاطفين، لن اتركك سوى في يد حراس الجامعة، انطلق وإياك أن تحاول الهرب وقتها ستجد خنجري في أحشاءك النتنة.
رغداء: حبا بالله لا تسلمني.
الشاب: صدقت ظنوني وأنت جاسوس.
رغداء بصوتها الطبيعي: لايدور في بالك سوى أنني جاسوس.
أخذ الشاب يبحث عن مصدر الصوت ونظر لرغداء وازاح اللثام وعندما وجدها فتاة انعقد لسانه، غير أنه ظل موجها خنجره ناحيتها.
رغداء: أقسم لك لست جاسوسة ولا خاطفة أنا فقط أريد طبيبا لعلاج والدتي.
الشاب: من أنتِ؟
رغداء: أنا رغداء وإذا وافقت على المجيء معي وفحص المريضة سأعطيك ما تطيب به نفسك وزيادة.
الشاب: لكن لا أقدر على فحص مريض من مملكة الأعداء.
رغداء: ولكن لا ذنب لوالدتي في هذه الحرب، ثم أن مملكة الدجى ليست طرفا في الحرب، هي فقط تحالف مملكة الأنوار.
الشاب: كما تعلمين الدجى لا تسعى ولا تنخرط في بحر الدماء، لكن أنتِ في نظر مملكتنا عدوة لأننا نحالف الأنوار.
رغداء: قبح الله الحروب هل أسلم والدتي للموت، مملكتك تقدمت وذاع صيتها لأنها تركت رحى الحرب تدور بعيدا عنها، أما نحن فأنهكتنا الحروب وقضت على مستقبلنا.
تعجب الشاب وقال: أنى لفتاة أن تعي هذا الكلام؟
رغداء: ومن علمك أن الفتيات بلا عقل أيها الطبيب؟
الشاب: حسبت أن الفتيات يكترثن فقط لمساحيق التجميل وارتداء جميل الثياب.
رغداء: لا بأس فبعض الرجال حمقى ولا يرون إلا ما يرضي غرورهم.
همت رغداء بالانصراف فأوقفها الشاب وقال لها: حسنا يا طويلة اللسان سأفحص مريضتك ولكن بدون مقابل، لست بحاجة لأموال من جهة معادية.
رغداء: حسنا ما دمت ستأتي معي وتفحصها فكما تشاء، ما اسمك أيها الطبيب.
الطبيب: أنا مهاب بن الشمودل.
ضحكت رغداء: شمودل أهذا إسم.
مهاب: بدأنا في السخرية، عقدة حياتي هو اسم جدي وكنت أضرب الفتيان إذا سخروا من اسمي.
رغداء: هو اسم غريب ولكن هناك ما هو أغرب منه فلا بأس بأن يكون جدك شمودل.
مهاب: انتظريني هنا سأذهب إلى غرفتي لأحضر بعض أدوات الفحص وأبلغ كبير الأطباء أني أحتاج إلى إجازة لظرف طارئة لن أتأخر.
رغداء: حسنا سأنتظرك.
عاد مهاب ممتطيا جواده وكانت رغداء قد أحضرتك حصانها معمع.
مهاب: هيا ننطلق حتى أفحص والدتك وأعود إلى جامعتي.
رغداء: لكن لابد من أن أقصد السوق أولا.
مهاب: وما حاجتك للذهاب للسوق؟
رغداء: وعدت حارس البوابة بفطيرة تفاح عند عودتي.
مهاب: لا حاجة للذهاب إلى السوق أعرف خبازا في أول المملكة ودائما ما اشتري منه أطيب الفطائر. انطلق مهاب وأحضر ثلاث فطائر.
رغداء: لما أحضرت ثلاثة الحارس يريد واحدة فقط؟
مهاب: نحن في حاجة للطعام الطريق طويل واحدة لك وواحدة لي.
عند البوابة وجدت رغداء سهيل في بانتظارها وألهته فطيرة التفاح فلم يسألها عن الحرير الذي دخلت لشرائه ولا حتى عن مهاب الاثنان وانطلقوا في طريقهم لمملكة الشموس.
بعد ساعة انتصف الليل فقال مهاب: أشعر أنني مغطرش.
رغداء: شمودل ومغطرش أهذه مفردات الجن ما معنى مغطرش؟
مهاب: تعني أني أشعر بالأرهاق وأحتاج لبعض الراحة.
رغداء: إذا قل متعب ببساطة لا حاجة لاستخدام الكلمات الغريبة.
مهاب: مغطرش كلمة عادية وليست غريبة، هي لهجة دارجة في فشتاقة.
رغداء ضاحكة: الفشتاقة؟
مهاب: الفشتاقة منطقة مشهورة جدا في مملكة الدُجى ويقصدها الناس من كافة الأرجاء لأن بها أمهر النساجين.
رغداء: حسنا يا شمودل المغطرش من فشتاقة لكني لا أستطيع أن أنام في وسط الغابة.
شاهد فيديو الناظر الى صفحة السماء ليلا
مهاب: ومن قال أنك ستنامين؟ سأنام أنا لأحصل على بعض الراحة وستبقين أنت ساهرة تحرسين الجياد وتراقبين المكان فلربما ظهر حيوان مفترس أو ثعبان.
رغداء: يالك من فظ.
مهاب: هل أفحص المريضة وأنا متعب لابد أن يرتاح الطبيب ليكون صافي الذهن.
رغداء: نم إذا يا غطروش.
مهاب: مغطرش.
رغداء: لا فرق كلها تؤدي نفس المعنى.
مهاب: أيقظيني قبل الفجر.
يتبع..
دمتم بكل ود.