تجمع |
قصة ليلة شواء
تزداد الحشود، تتجمع في الساحة العامة، هتافات بصوت واحد: (نريد الخبز.. نريد الخبز) المُلفت أن هذا الاحتشاد اجتمع فيه الرجال والنساء، الشيوخ والأطفال، حتى كدت أجزم أنه لم يبق أحد في بيته أو في عمله أو في مدرسته، لم أشأ أن أنخرط معهم لكن التيار جرفني، أثار فضولي هذا السيل الجارف، أكثر من المطالب التي تجلجلت بها
أصواتهم، لقد اعتدنا على وضعنا المسحوق، سنوات طويلة والناس يستنكرون بصمت يجوعون بصمت يتألمون بصمت يتحلَّلون بصمت، أغلبهم كالأشباح _ فقط روائحهم وأشكالهم تدل عليهم.
لذا أثار فضولي كسرهم حاجز الصمت، أردت أن أرى إلى أين سيصلون وكيف ستكون نهاية هذا اليوم المشمس.
قصة ليلة شواء - الحزن
وجدت نفسي متجها معهم أهتف مثلهم وأُشير بقبضة كفي للأعلى كما يفعلون، بينما أنا منغمس فيهم حدثتني نفسي ربما تكون هذه الجمهرة حِيلة من حِيل السلطة لمعرفة المناهضين؛ ليتم اقتناصهم...
ليلة شواء |
مضت ساعة ونحن على حالنا والحشود تزداد شيئا فشيئا، حينها بدأ يتبدد من داخلي أن تكون السلطة خلف هذا التجمع الكبير، إنه الجوع من أخرجهم، قَطَعَ تفكيري أحدهم عندما وضع فمه في أذني: "هل معك قليل من الماء" نظرت إليه تذكرتُ حينها أنني عطشان، هززتُ رأسي آسفا.
عدنا للهتاف كانت حنجرتي تلتهب عطشا ولساني يتثاقل، وددتُ لو هتفنا أيضا بـ(نريد الماء) كنتُ أهتفُ قليلا، وأقلِّب نظري قليلا، وأجلسُ على الأرض قليلا، فجأة اكتسح أصوات الجموع صوت طوَّافة جاءت من بعيد يقترب الصوت أكثر فأكثر.
إنهما طوَّافتان حربيَّتان؛ حلقتا فوق رؤوسِنا، خفنا كثيرا، تمتمتُ: "لن يمضي هذا اليوم على خير"
قصة ليلة شواء - الذعر
خُيِّل إلينا أنهما لفرط انخفاضهما ستجزان رؤوسَنا _ مع أنهما في الحقيقة بعيدتان؛ بعيدتان عن قاماتنا _ امتدَّت من الطوافتين فوَّهتا رشاشتين، منظر مرعب وأنا أرى فهوَّة الرشاشة تُصوَّب إلى الأسفل، أدركتُ أنا ومن معي أنها
النهاية، ضجَّتْ الساحة العامة بالصيحات والتخبط، أَطلقت الرشاشتان الرصاص، كان الناس يتساقطون حولي بقيتُ مشدوها مذعورا، أنتظر دوري متى سأسقط مثلهم، أُصبتُ في كتفي ارتميت على الأرض، أصبح كل من في الساحة ملقى بين قتيل ومصاب، غادرتْ الطوَّافتان...
اقرأ ايضا قصة مملكة القمر الأحمر
اقرأ ايضا خاطرة وظل فؤادها خاويا حتى رأته
وبقيتْ رائحة الدمِ تملأ المكان وصوت الأنين والبكاء كطنين الأذن، بقي الناجون لدقائق بمن فيهم أنا، استجمعنا قوانا للوقوف، عدنا أدراجنا، يجرُّ كلٌّ منا خلفه جُثة أو جثتين؛ استعدادا لِلَيلةِ شواء.
بقلم الأنامل اليمنية:
" زينب_الحداد"