قصة مغامرات السيدة العجوز قصص قصيرة - أنامل عربية

قصة قصيرة عن سيدة عجوز تخرج من شرنقتها وتواجه الدنيا وتصطدم بالتغيرات العصرية فتحاول أن تواكب العصر  لكن كل هذا جاء بعد فوات الأوان.

سيدة عجوزة
السيدة العجوز 


قصة مغامرات السيدة العجوز 

 أحيانا أصل لقمة السعادة وبعدها بلحظات أصاب بقمة التخبط واليأس.

لا حيلة لي في نفسي التي تأبى أن تكون كارهة للآخرين.

لا أعلم من أين جاءت تلك السماحة مع خفة الظل التي التصقت بي فجعلتني بلهاء مع أني في ال 60 من عمري،

 لكم تمنيت طيلة حياتي أن أكون تلك التي تقدم العقل والمنطق على رد فعلها لكن فشلت وبجدارة.

أنا مجاملة لأقصى حد وأعتبر أن جبر الخواطر يجري في دمي متزامنا مع كرات الدم الحمراء والبيضاء.

غير أني صارمة مع من هم تحت مسؤوليتي لهذا كنت أُعامل أطفالي بحزم، فأنا لم أشأ أن تتكرر تلك الشخصية التي بت أمقتها كلما تقدمت في العمر.

لست نادمة على خير قدمته ولا كلمة طيبة، لكني نادمة أشد الندم على كوني توقعت أن يكون العالم انعكاس لصورتي.

كلما تكشّفت لي حقيقة بعض البشر من حولي هرعت إلى كهف الدموع لأتجاوز صدمتي.

لا أخفيكم سرا أن من أحد عيوبي أني لا أقدّر قيمة المال حتى الآن  ولا أراه سوى وسيلة لشراء ما أحتاجه.

لم أسع قط إليه ولست تلك التي تقارن الأسعار أو تحزن إذا ارتفعت، فأنا استطيع العيش بالقليل والكثير.

أعترف أن وجود المال يحقق الرضى، لكنه في ذات الوقت سيد غيور يأبى إلا أن يكون من يهتم به عبدا له.

تفقدت حياتي مؤخرا فإذا بها تعج بالتشويش لقد تغيرت كثيرا وتغيرت نظرتي للحياة.

اقرأ أيضا قصة موجة حارة

قصة مغامرات السيدة العجوز ودعوة للسفر

عندما أتتني دعوة من ولدي قاسم للاقامة عنده لأنه مشغول أغلب الوقت وزوجته سمر حامل في الشهور الأخيرة ووالدتها متوفية، قبلت بعد تردد فأنا لم اعتد على الخروج من بيتي سوى لأداء واجب عزاء أو شيء ضروري.

لقد أصبحت شبه معزولة عن العالم الخارجي فلقد اعتاد زوجي شراء كل طلبات المنزل، لم يحبذ أبدا فكرة العمل وترك الأولاد.

في بداية زواجنا كان يوافق إذا طلبت منه أن أقدم لوظيفة وعندما يتم رفضي كان يشعر بالارتياح ويخبرني أن هذا هو الخير مع أننا كنا في حاجة إلى المال.

 الوضع اختلف بعدما عمل في التجارة وتيسرت أمورنا المادية، لم أعد افكر في العمل وصرت أشعر بالخوف والوحشة كلما خرجت من باب البيت.

مرت السنون وكبر الأولاد وتزوجوا وأصبحت لهم اهتماماتهم الخاصة. سافرت إلى دبي ولم يكن زوجي محبذا للفكرة، لكن كان السفر ضرورة حتمية لأهتم بزوجة قاسم التي أوشكت أن تضع مولودها الثالث.

لبيت الدعوة لأراعي أحفادي إلى أن يصل القادم العزيز في سلام.

بعد السفر والاغتراب لمدة ثلاثة أشهر، لم أعد تلك الخجولة التي تهرب من التجمعات وتهاب الحديث مع الآخرين.

أصبحت أخرج باستمرار لشراء البقالة وحضور اجتماعات مدرسة حفيدتي يارا.

لم أعد أهاب الخروج كما أنني أذهب مع حفيدي في نهاية الأسبوع إلى الحديقة العامة.

قصة مغامرات السيدة العجوز والحياة العصرية

سيدة تشرب القهوة
الحياة العصرية 


تغيرت الحياة كثيرا فلقد احتلت الهواتف مساحة كبيرة وشغلت الناس لدرجة أنها أصبحت الصديق الصدوق للبشر.

تخلى أغلب البشر عن الحياة الواقعية التي تحمل تبعات وصدمات مؤذية واختاروا تلك الافتراضية التي لا ترى فيها سوى المثالية والكمال.

أفقت من غفوتي على الأريكة فإذا بحفيدي عمرو يمسك هاتفه الذكي ويطلب مني أن أضبط الجوال لكي يواصل مشاهدة أحد التحديات على اليوتيوب.

اعتذرت منه فأنا لا أجيد التعامل مع تلك الهواتف الذكية.

نظر إلى في يأس وقال لي: " ليه مش عارفة يا تيتا أنتي كبيرة، المفروض تعرفي".

شعرت بالخجل ولم أستطع الرد، فحمل هاتفه وانطلق صوب أمه التي لبت طلبه في ثوان معدودة.

عاد منتصرا يشعر بالزهو، قادني الفضول لأرى ما يشاهده هذا الذي بالكاد يستطيع أن يصل لمقبس الكهرباء.

رأيته يشاهد تحديات وصفها بأنها جميلة وممتعة، حقيقة لم أرى أي متعة في ضغط أزرار وسقوط حبوب الإفطار بكميات ضخمة أو قطع الشكولاته أو العصير، ولا حتى تذوق الأطعمة المختلفة في وقت واحد.

الغريب أن هذا العبث يحقق مشاهدات مرتفعة للغاية.

ما الذي حدث في هذا الكون هناك ملايين من البشر تحت خط الفقر يشكون قلة ذات اليد بسبب ارتفاع الأسعار وقلة من الحمقى تجني الثروات من تحديات تافهة يتم فيها إهدار وجبات تكفي لإطعام مدرسة أطفال كاملة.

حاولت أن أدفعه لترك مشاهدة تلك المقاطع الغبية وطلبت منه أن يرافقني إلى الحديقة كما اعتدنا.

الحفيدة يارا تقلد البلوجر

دخلت أخته يارا ذات ال15 عاما، فإذا بها تضع أحمر الشفاه وبعض المساحيق.

صُدمت فهي مازالت في مرحلة الطفولة، سألتها عما إذا كانت تستعد لأحد الأعراس فأجابتني أنها في طريقها لدرس خصوصي عند أحد المعلمات.

سألتها مجددا هل تسمح لكِ المعلمة بدخول الدرس الخصوصي وأنتِ تضعين أحمر الشفاه أجابتني:" فكك يا تيتا كله كدا، إنتي مش في الدنيا ولا أي؟، أنا كدا كيوت".

علمت منها أن المعلمة تكترث للنقود فقط، وكل ما يشغلها تحصيل ثمن الحصة والهدوء أثناء الشرح.

دخلت حجرتي لأبدل ملابسي، فأقبلت يارا  نحوي في سعادة بالغة وحسبت أنها ستطلعني على نتيجة أحد الاختبارات، فإذا بها تتحدث عن أحد الفتيات على تطبيق "التيك توك"، والتي نشرت أحداث حفل عيد ميلادها.

سألت حفيدتي عن تلك الفتاة فأجابت أنها بلوجر مشهورة.

عرفت وقتها من أين جاءت حفيدتي بتسريحة شعرها الغريبة وملابسها المستفزة وألفاظها العجيبة.

أشفقت على زوجة ابني فهي تعاني جراء الحمل ولا أريد أن أتصنع دور الحماة التي لا تريد سوى الكمال.

وحقيقة لو فعلت لكنت كمن يحارب طواحين الهواء، فلا أملك عصى سحرية حتى أغير مجتمع بأكمله، ولست قديسة حتى أطالب بني البشر بالتمسك بتعاليم الدين.

الآن أصبحت لا أطيق سماع الأغاني التي طالما اشتكت أمي من تعلقي بها وتلهفي فيما مضى لمعرفة أخبار المطربين.

كل وقت وله خصوصياته وكل جيل ولديه مستجدات تشغله.

نزهة على شاطئ البحر 

سيدة على الشاطئ
على شاطئ البحر 


أمسكني عمرو من يدي  وكأني طفلة صغيرة وركبنا الحافلة، قررت أن نذهب هذه المرة الى الشاطئ وددت لو جريت معه على الممشى الممتد بمحاذاة شاطئ البحر.

وجدنا مازن صديقه فأخرجت أدوات البحر التي كان يحملها،  ليلعبا سويا على الرمال الناعمة.

جلست على مقربة منهما وظللت أراقب عملية بناء القلعة الحصينة، وفرحت بمياه البحر التي كانت تلامس قدمي.

سرعان ما زال تحفظي لم أتمالك نفسي خلعت ملابسي و قررت أن أسبح بجوار حفيدي.

ليت جسدي العجوز برشاقة روحي فالجسد يتثاقل مع الأيام أما الروح فتظل شابة للأبد.

تذكرت زوجي الذي كان يعشق السباحة كنت أخاف كلما ابتعد عن نظري.

كان الخوف لصيقا لي فيما مضى وكأنه رفيق دربي.

دائما كنت أخاف من فقد زوجي فأنا لم أكن أعمل وكان لدينا 5 أطفال، كانت دعواتي تتمحور طوال عمري حول طلب البركة فيما يكتسبه زوجي وحفظ عيالي وزوجي من شر الحاسدين والماكرين.

كنت تلك التي تخشى عليهم من كل شيء، لم أكن هادئة البال أبدا، كانت تراودني الوساوس دائما، كنت أخاف دوما من أن يحصل لهم أي مكروه.

الآن صار لكل واحد منهم حياة مستقلة تملؤها المسؤولية ولم أعد أراهم إلا في الأعياد.

انشغل زوجي كذلك بشركته الجديدة واستحوذت على كل وقته.

خيرا فعل أنه استقدم أخيرا طاه ليطبخ و خادمة لتنظف البيت.

أعتقد أنها كانت أقل مكافأة لي على كل تلك السنوات التي قضيتها في الطبخ وتنظيف البيت والجري وراء الأولاد لإطعامهم ونشر الغسيل.

أفرح كثيرا عندما يتصل بي ويطالبني بضرورة العودة إلى البيت، أتعلل بأنني أراعي زوجة قاسم وأفرح عندما تعلو نبرة صوته معبرة عن نفاد صبره.

قصة مغامرات السيدة العجوز - صورة على الشاطئ

طلبت من حفيدي عمرو أن يلتقط لي صورة وأنا أستجم على الشاطئ ويرسلها له، ليعلم أن القطة الحبيسة قد خرجت أخيرا وكسرت الطوق وأصبحت تستمتع بالحياة.

قمت بشراء المثلجات واستمتعت بطعم المانجو الذي أعشقه، بعدها ركبت أحد الأفعونيات الكبيرة وتعالت الصرخات مني، كنت في غاية السعادة.

كان عمرو فخورا بي ويشير لي في سعادة، اختار هو ركوب البطة.

شاهد(ي)  فيديو تحلي بالادب قبل المجوهرات وتألقي بكلمتك الطيبة قبل لباسك 

بعدها اشترينا غزل البنات وتسابقنا.

قال عمرو ممازحا إياي: " أنتي طلعتي جامدة زحليقة يا تيتا، وأنا كنت فاكرك مملة، هخرج معاكي كل أجازة، أصل ماما بتمشي دلوقتي زي البطريق ومش عارفة تجري".

أحاول الاستمتاع بكل دقيقة وكونت صداقات جديدة ولكن للأسف جاء هذا بعد فوات الأوان.

دمتم بكل ود..

رأيك يهمنا

أحدث أقدم