قد يدق بابك زائر ضل الطريق في منتصف الليل ما العمل وقتها، هناك من يتجاهل الطارق ويكمل نومه وهناك من يقرر أن يكتشف سبب تلك الزيارة المفاجئة، هذا ما سنعرفه من أحداث القصة.
قصة زائر منتصف الليل |
قصة زائر منتصف الليل
لم أرحب بوجود الكلب على الرغم من أن بيته في حديقة المنزل، إلا أنني أتوجس من وجوده .
فهو ليس كبقية الكلاب المعهودة إذ أنه ضخم البنية يغلب اللون البني و الأسود.
يظهر اللون البني على استحياء على أذنيه وبطنه وذيله.
عندما عرفت أن أسرتي على وشك إحضار كلب شعرت بسعادة بالغة و تداعت إلى ذهني صورة تلك الكلاب المغطاة بفرو أبيض ويكاد حجمها يتجاوز راحة اليد بقليل.
تخيلت تلك الصور التي سألتقطها وأنا أطعمه وألهو معه في حديقة المنزل. غير أني صدمت عندما رأيت وحشا ملون باللونين الأسود والبني ذو أنياب بارزة.
حقيقة لم أحاول حتى أن أقترب من هذا الوحش الذي يطلقون عليه اسم "بوبي" فأي "بوبي" هذا الذي يقارب المترين في الطول.
الاسم اللائق به هو " أبا لهب" أو "العاصف".
أضاقت الأرض بالأسماء حتى يطلقون على هذا الوحش اسم "بوبي".
كلما لمحت أخي يطعمه ويُدَلِلُه تعجبت من تصرفه ولكن لم العجب فأخي يركن إلى الألعاب العنيفة و ترويض هذا البوبي سيكون إضافة لا بأس بها لقائمة إنجازاته.
قصة زائر منتصف الليل ونباح "بوبي"
تعالى نباح المدعو بوبي وتأكدت أنني لن أستطيع النوم في ظل إصرار الكلب على النباح دون توقف.
أخذت تتداعى الأفكار إلى مخيلتي عن سبب نباحه، وهذا ما كان ينقصني.
ألا يكفيني الأفكار التي تتدافع في رأسي ليل نهار حول كل شيء لم يتبقى سوى أن يستحوذ هذا البوبي هو الآخر على تفكيري وأنا بالكاد أقترب منه ليعرفني حتى لا ينبح علي كلما نزلت إلى حديقة المنزل.
لم أستطع تجاوز نباحه لهذا قررت أن أذهب للجزء المطل على الحديقة من البيت.
فتحت النافذة ولم أستطع أن أرى ما يزعج الأستاذ "بوبي" فالأشجار كثيفة والظلام دامس.
أعتقدت أن السبب ربما يعود للفتية الذين يتدربون ليلا في الملعب المجاور للمنزل، لكن الملعب خلا على غير عادة من الفتية.
عادة بعد انتهاء التدريبات أسمع أصواتهم وضحكاتهم وهم يتسلقون أشجار الخوخ رغبة في تلك الثمار اليانعة.
لكن تلك الليلة انتهت التدريبات في الثانية عشرة.
شعرت بالجوع فقررت إعداد وجبة خفيفة لكن لم يتوقف بوبي عن النباح لهذا قررت أن أؤجل تلك الرغبة العارمة في دخول المطبخ وأنزل وأرى ما يزعج السيد " بوبي".
ما الضرر من الاقتراب من هذا الوحش واستطلاع سبب نباحه المتواصل.
بحث عن المفاتيح فلم أجدها في مكانها ومن غير اللائق أن أوقظ أحد لأسأله عن مكان المفاتيح.
نظرت تحت الأريكة عسى أن تكون قد انزلقت لكن لم تكن موجودة.
تذكرت أن معي نسخة احتياطية في حقيبتي البيضاء فدخلت غرفتي وأحضرتها.
هبطت الدرج وفتحت باب المنزل ومشيت في الممر.
كان أضواء الملعب تضيء الطريق قليلا لكن تحت الأشجار حيث كان الكلب ينبح لم يكن هناك أي ضوء.
ندمت لأني لم أحضر هاتفي ناديت على "بوبي"، غير أنه لم يستجب لندائي وأخذ يركض وكأنه يطارد شيء.
قصة زائر منتصف الليل وحادث تحت الأشجار
تحت الأشجار |
ذهبت لألقي نظرة عند منطقة أشجار الخوخ فسمعت صوت استغاثة قادم من تحت الأشجار.
الضوء يكاد يكون معدوما و كشافات الملعب يتسلل شعاعها على استحياء بين الأشجار. حاولت أن أتتبع مصدر الصوت فوجدت سيدة تجلس وكأنها تتألم بشدة كانت الدماء تسيل من وجهها وكأن وحشا هاجمها على حين غرة.
عندما سألتها عن سبب تواجدها في هذا الوقت من الليل أخبرتني بأنها ضلت الطريق وأنها في طريقها إلى محطة القطار.
تعجبت فالمحطة تبعد كثيرا والقطار التالي الخاص بالصحف موعده في الرابعة.
طلبت مني أن أحضر حقيبتها التي طرحتها أرضا بسبب مطاردة الكلب.
بحثت عن الحقيبة فإذا بها بجوار ملعب الكرة كانت ثقيلة للغاية لهذا اضطررت لجرها.
انقطعت أنفاسي وعبثا حاولت أن أجد الكلب الذي اختفى تماما.
عدت للسيدة فشكرتني وفتحت حقيبة يدها وأخرجت تذكرة القطار، لم تكن تذكرة مألوفة كانت ذهيبة ولامعة للغاية.
حقيقة لم أستقل القطار منذ فترة طويلة لهذا لم أعرف أن تذاكر السكك الحديدية تطورت إلى هذا الشكل الرائع.
طلبت منها أن تذهب معي إلى البيت لأحضر لها بعض الماء وأقوم بالاسعافات الأولية لها فرفضت وطلبت مني أن أجلس معها ريثما تلتقط أنفاسها.
أخرجت قطعة من القماش البيضاء المزخرفة من على الأطراف، وأخذت تمسح وجهها وتصلح من شأنها، سألتني عن اسمي وشكرتني لأنني نزلت إليها.
أخبرتني أنها اعتادت أن تسلك ذات الطريق منذ سنوات، وأنها كانت تستريح عادة في بيتنا فترة أن كان تحت الإنشاء.
أخبرتها أننا انتقلنا مؤخرا فسألتني عن سبب تواجد الكلب فأخبرتها أنه للحراسة.
أخبرتني أنها ستضطر في المرة القادمة لاختيار طريق آخر لأنها تخشى الكلاب.
نهضت من مكانها وحملت حقيبتها و مشت في الممشى الممتد بين الأشجار.
قصة زائر منتصف الليل والقطار العجيب
القطار العجيب |
يأست من عودة هذا البوبي فقررت أن أعود أدراجي وأعد وجبتي الخفيفة فأنا كنت أتضور جوعا بعد كل تلك الأحداث.
لا أعلم هل تخيلت ما رأيته أم أنه كان حقيقة إذ سمعت صوت قطار وعندما إلتفت وجدت قطار يسير بين الأشجار في الحديقة المجاورة لحديقتنا.
لم يكن قطارا مألوفا إذ كان قديم الطراز يتصاعد الدخان من مقدمته كما في الأفلام السينمائية القديمة.
ضحكت حقيقة فلقد كنت أعتقد أن السيدة تختلق تلك القصة لتسرق ثمار أشجار الخوخ.
رأيت السيدة التي لم أسالها عن اسمها ولا حتى وجهتها تجلس في أحد عربات القطار وتلوح لي بمنديلها القماشي بسعادة.
بادلتها التلويح بيدي و فتحت باب البيت وصعدت الدرج.
جلست في الشرفة على الكرسي المطل على الحديقة وحاولت أن أستوعب ما حدث.
يبدو أنني كنت أحلم إذ أن عقارب الساعة تشير للثانية والربع ولا يعقل أن كل تلك الأحداث حصلت في خمسة عشر دقيقة فقط.
نهضت من مكاني وتذكرت الوجبة و كنت في حاجة ماسة إلى فنجان من القهوة، سمعت صوت جرس الباب يدق بلا توقف.
وجبة لذيذة |
قصة زائر منتصف الليل وغضب عامل التوصيل
تساءلت عن ماهية هذا الأحمق الذي يضع يده على الجرس بلا توقف في مثل هذا الوقت والناس نيام.
نزلت لأفتح فإذا به عامل توصيل البيتزا، بدا غاضبا إلى أقصى درجة لأنه قذف علبة البيتزا في وجهي وقال:
" طالما تملكون وحشا طليقا في حديقة منزلكم فلا يحق لكم طلب البيتزا في مثل هذا الوقت، أنا أركض هربا منه بدراجتي منذ ساعة وغافلته لاسلم لك البيتزا، أعلم أني تأخرت لكن التأخير كان بسبب كلبك لهذا لا يحق لك الشكوى".
وجبة لذيذة آخر الليل
شعرت بالخجل الشديد طلب مني تسديد مبلغ 250 جنيها، حملت البيتزا الى الأعلى وأحضرت له نقوده وأعطيته مبلغ إضافي لترضيته على مطاردة بوبي.
شكرني وانصرف وسمعت صوت دراجته النارية وهو يغادر الحديقة.
كانت البيتزا لا تزال ساخنة فقررت تأجيل شرب القهوة لوقت لاحق.
أخرجت طبقا وأكلت إلى أن شبعت وما تبقى نزلت به إلى بوبي الذي عاد أخيرا.
هز ذيله وقدم نحوي وكانت قطع البيتزا بمثابة عقد صلح مع بوبي الذي أخذ يهز ذيله في رضى.
كانت ليلة حافلة حقا. وكان هناك متسع من الوقت على أذان الفجر، لهذا قررت أن أعود الى النوم في سلام.
اقرأ ايضا قصة سر الأرواح المظلمة قصص رعب
في الصباح استيقظت مبكرا كعادتي ذهبت الى المطبخ فوجدت علبة البيتزا ووصل مكتوب باسم الأستاذ فوزي فقلت ويحي إن البيتزا تخص فوزي صالح.
ضحكت كثيرا فالمدعو فوزي بيته بعد الملعب بمسافة كبيرة ويفصله عنا أكثر من 4 حدائق وها أنا حرمت الرجل من وجبته المتأخرة.
لم أكن أعلم أن السيد فوزي يحب البيتزا فأغلب جيله يفضلون الطعام المنزلي ويكرهون الوجبات السريعة.
دمتم بكل ود.