يوسف السباعي أحد أشهر وأهم الأدباء في العصر الحديث، تميز بخفة الدم وسرعة الوصول لقلب القارئ قبل عقله.
يوسف السباعي |
يوسف السباعي نشأته وأعماله وعلاقته بالسياسة
تاريخ مصر الأدبي حافل بجواهر نادرة ساهمت حديثا في تشكيل عقد فريد يصعب مضاهته.
فلقد اجتمع عمالقة الأدب العربي في زمان واحد وكان لكل أديب أسلوبه ومدرسته الخاصة.
وكان من ضمن تلك الكوكبة الرائعة جبرتي العصر يوسف السباعي، الذي تميز بأسلوب أدبي رشيق.
كان يوسف أشبه بالسهل الممتنع قريبا إلى قلوب القراء لأنه امتلك تلك الواقعية الراقية وليس الواقعية الفجة التي
تبلور النقائص، كما أبدع في تصوير الحب في رواياته فاستحق بجدارة أن يلقب بفارس الرومانسية.
يوسف السباعي فارس الرومانسية ونشأته
كل أديب تنعكس لمحات من حياته في كتاباته، وبالنسبة للسباعي المولود في منطقة الدرب الأحمر بالقاهرة والذي ترعرع في أسرة عريقة ولها باع في المجال الأدبي، مما ساهم في ثقل موهبة يوسف بطريقة فريدة.
فهذا محمد السباعي والد يوسف شغوفا ومحبا للآداب شعرا أم نثرا، ليس فيما يخص الأدب العربي بل كان محمد السباعي متعمقا في الكتابات الأدبية والفلسفية الأوروبية بسبب تمكنه وإجادته للغة الإنجليزية.
في هذا الجو أتقن يوسف مفردات الكتابة وما يتعلق بها من أمور خاصة بمجال النشر والطباعة.
كل هذا عزز حب الأدب والكتابة في قلب الطفل الصغير الذي كان يقوم بنقل مقالات والده إلى المطابع.
يوسف السباعي في مرحلة الصبا
عشق يوسف القلم منذ نعومة أظافره وتغلغلت الكتابة في أعماقه منذ أن كان طفلا، لكن ظهور الموهبة بشكل لافت لم يتم إلا عند إلتحاق يوسف بمدرسة شبرا الثانوية.
حيث قام بتأسيس "مجلة مدرسة شبرا الثانوية" والتي لاقت استحسان معلمي المدرسة، وقام يوسف بنشر قصته الأولى " فوق الأنواء" وهو بعد في السابعة عشر .
وكأن الصدى الإيجابي الكبير الذي وجده يوسف كان بمثابة تأشيرة المرور و تيقن الشاب أنه يملك الأدوات ليكون أدبيا ذا شأن.
شرع يوسف مدفوعا بتلك الطاقة لكتابة قصته الثانية " تبت يدا أبي لهب وتب".
وضعت القصة اسم يوسف بسبب نشرها في مجلة " مجلتي" بجوار العمالقة وكبار الأدباء أمثال نجيب محفوظ و طه حسين و يوسف إدريس.
يوسف السباعي والحياة العسكرية
لعل من المفارقات في حياة يوسف السباعي هو أن يلتحق صاحب هذا الحس الأدبي المرهف بالكلية الحربية، حيث الصرامة والانضباط والجدية.
لكن الدراسة العسكرية لم تكن عائقا في مسيرة يوسف الأدبية، بل على العكس ساهمت في أن تكون شخصية يوسف مميزة جدا.
لقد انعكست الحياة العسكرية مفرداتها وملامحها الخاصة في عدد كبير من روايات يوسف ولعل أبرزها رائعة" إني راحلة".
وإبداع يوسف الخالد " رد قلبي" وأيضا رواية " نادية".
سيرة يوسف السباعي الذاتية
عادة تكون السير الذاتية ركيكة وكأنها كتب خالية من المشاعر تستعرض أحداثا أغلبها ينصب على تمجيد الذات. لكن رائعة السباعي " من حياتي" كسرت كل الأعراف في كتابة السيرة الذاتية.
صدقا قلما تجد سيرة ذاتية بمثل هذا الصدق والواقعية. إن كتاب من حياتي لامس قلوب القراء وإذا كانت قصة" تبت يدا أبي لهب وتب" هي تأشيرة المرور لعالم الإبداع، فإن كتاب "من حياتي" ليوسف السباعي كان تأشيرة مرور يوسف لقلوب ملايين القراء في العالم العربي.
كل سطر تتفاعل مع الكاتب و تتصور الأحداث، ناهيك عن الأسلوب الساخر الجميل. أكاد أجزم أن الإبتسامة لن تفارق القارئ.
كما أن يوسف أبدع في التصوير والسرد ونجح في كسب وجدان القارئ الذي يتواجد مع يوسف في كل حدث مر به و يشعر أن يوسف ليس هذا الكاتب الذي يسكن في برج عاجي، بل ابن بلد من الطراز الأول.
رسالة يوسف السباعي الأدبية
تفرد يوسف السباعي في كل شيء عن بقية رواد عصره.
كان يوسف مؤمنا بأن الأدب رسالة سامية من شأنها أن تسهم في ترسيخ القيم و تغيير شخصية القارئ للأحسن.
لهذا نجد كتابات يوسف خلت من إثارة الغرائز وما إلى ذلك من الأساليب الرخيصة التي تحاول أن تحظى بالشهرة من خلال الغوص في مستنقع آسن تحت دعوى الواقعية والإبداع.
يوسف السباعي والسياسة
تفرد يوسف عن بقية رواد عصره، إذ جمع السباعي العمل في مجال السياسة بجانب المجال الأدبي. لم يسعى يوسف لمجال السياسة فالرجل كان مشهورا بما يكفي واسمه مكتوب بماء الذهب ويتهافت القراء على كتاباته التي تحولت لتميزها لأعمال سينمائية ناجحة.
فضلا عن كونه رئيس تحرير للعديد من المجلات ذائعة الصيت مثل " آخر ساعة" ورئاسة تحرير الصرح العملاق" دار الهلال".
فكان لزاما أن يقوم المهتمون بالشأن السياسي بجذب هذا الكائن المتفرد للاستفادة من عصارة خبراته وحنكته. فتولى يوسف السباعي وزارة الثقافة المصرية وكان جديرا بهذا المنصب نظرا لشخصيته الواعية وسعة مداركه و إلمامه بالنواحي السياسية بسبب مجال دراسته.
أبرز أعمال جبرتي العصر
ألف يوسف السباعي العديد من الأعمال الأدبية الرائعة، التي زخرفت بها المكتبات الأدبية العربية، كما أنه أثرى مكتبات السينما بروائع مميزة. شارك فيها أشهر النجوم وألمعهم في تلك الحقبة.
اقرأ ايضا مقال عن ام كلثوم و نبذة من حياتها
اقرأ مقال الأمير عبد المتين بن حسن أشهر عاذب
سأذكر بعضا من درر يوسف في مجال الرواية مثل: نائب عزرائيل، أرض النفاق، إني راحلة، فديتك يا ليل، البحث عن جسد، بين الأطلال، رد قلبي، طريق العودة، نادية، جفت الدموع، ليل له آخر، نحن لا نزرع الشوك، لست وحدك،
ابتسامة على شفتيه، العمر لحظة، أطياف، اثنتا عشرة امرأة، خبايا الصدور، اثنتا عشر رجلاً، في موكب الهوى، من العالم المجهول، مبكي العشاق، شارع الحب، واذكريني.
أما في مجال المسرح فقدم عدة مسرحيات منها أقوى من الزمن، وأم رتيبة.
ومن القصص نذكر: بين أبو الريش وجنينة ناميش، يا أمة ضحكت والشيخ زعرب.
لقد كان يوسف السباعي أيقونة فريدة مميزة لن يخفت صداها رغم مرور الزمن.
ابدعت عزبزتي اسماء للاسف اغتيل في قبرص في عمر الستين الله يرحمه
ردحذف