قصة موجة حارة من القصص القصيرة التي تؤثر على طبيعة المرء وتؤدي لتعكر المزاج وعدم القدرة على التفكير بسلاسة.
قصة موجة حارة قصص قصيرة
" يا إلهي إن الشمس متعامدة تقريبا على بيتنا"
تلك كانت الكلمات الأولى التي تفوهت بها عندما قمت بفتح النافذة في السابعة صباحا.
لقد اندفعت موجات حارة قادمة من الخارج وكأني فتحت باب أحد الأفران.
أسرعت بغلق النافذة ولكن هيهات وكأن الاشعة المتسربة قادمة من قلب الشمس مباشرة فسرعان ما انتشرت في المكان.
حاولت جاهدة أن أطمأن نفسي أن الوضع مؤقت ولا بأس بموجة حارة عابرة.
لكن وكأن الكون قد تآمر ليسلبني سلامي النفسي، إذ سرعان ما تكاتفت كل الجهات وتجمعت في اتحاد ووئام ليس له مثيل لتعلن وتأكد أننا في خضم موجة حارة غير اعتيادية.
كل الجهات تؤكد الخبر وكأننا فزنا بكأس العالم.
والجميع يصر على أنها تستمر لمدة عشرة أيام كاملة.
قصة موجة حارة وزيارة على غير موعد
حتى جارتي التي لا أراها إلا نادرا وجدتها على الباب ويبدو عليها الإجهاد، دخلت مسرعة نحو غرفة المعيشة و كأنها تفر من مطاردة بوليسة و أخبرتني عن رغبتها في تفسير أحد أحلامها الخُزعبلة.
حاولت أن استجمع قواي واستوعب ما أشعر به من ارتفاع في درجة حرارة البيت التي أكاد أجزم أنها تخطت الخمسين درجة وطبعا انقطاع الكهرباء ساهم في خلق جو لا مثيل له.
جلست على المقعد المقابل لها أحاول أن أظهر قليلا من البشاشة، لكن غلبت على ملامحي علامات الدهشة.
بررت قدومها الغير متوقع بأن حلمها هو السبب وأنها منزعجة من تفاصيله، أحضرت لها مشروبا غازيا فشربته في نصف ثانية تقريبا، متعللة بأن الحر هو السبب في تصرفها الذي لا يمت بأي صلة لمعشر النساء،
ما هذا يا إمرأة طريقتك أفظع من طريقة الرجال هذا ما حدثت به نفسي لكني كتمت الكلمات،
أردت أن أطردها فليس عندي أي استعداد لاسمع أحلام تافهة تدور حول أرانب تجري أو طريق مليء بالحلوى.
ضقت ذرعا حقا بكلام الجارات ولكن عل زيارتها تهون علي تلك الموجة الحارة.
استمعت لها وأنا مبدية بعض الجدية المصطنعة، غير أن التعقيب المثالي على كلامها في رأسي هو "ما هذا الهراء !"
أرغب في صميمي لو قذفتها من النافذة لكن لا بأس فما فائدة تدريبات ضبط النفس إذا لم أطبقها الآن.
أخبرتها أن الغد يحمل لها مفاجآت سارة ونجاح فتهللت أساريرها وخرجت من البيت راضية قريرة العين.
قصة موجة حارة - نزلة برد مفاجئة
عدت لغرفتي ووجدتني لم أمشط حتى شعري ويح تلك المرأة التي تقتحم البيوت في السابعة صباحا.
قلت لنفسي مازال اليوم في بدايته سأتجاوز وأواصل فخبر مزعج من هُنا وموجة عابرة وزيارة من هناك لن تعكنن عليا حياتي الهادئة.
ليست هذه هي الموجة الأولى ولن تكون الأخيرة، اتجهت في ثقة ناحية المطبخ لأعد كوب النسكافية وأخرجت قطعة الشكولاتة الكبيرة التي تهب السعادة كما أكد الخبراء والأطباء وبائعي الحلوى، وما أن أخذت الرشفة الأولى حتى فقدت صوابي.
"ياإلهي هذه بوادر نزلة برد فأنا بالكاد أستطيع التنفس، وهناك رشح طفيف سرعان ما سيتحول الى كارثة".
سخرت من نفسي أي برد هذا ودرجة الحراة قاربت الخمسين، لابد أن الرشح بسبب هذا المعطر الذي يزكم الأنفاس والذي تصر المساعدة على رشه متعللة أنه بطعم الخوخ.
مرارا حاولت أن أخبرها أن الأصوب أن تقول رائحة الخوخ، بدلا من كلمة طعم لكنها تُصر عليها وتُشعرني وكأنها تأكله.
لا أعلم سبب تلك السعادة التي ترتسم على وجهها عندما تمسك بالزجاجة وتتجول في المكان.
واصلت التجول في الغرف وكأني أشاهد معالم سياحية، وما أن وصلت إلى الوجهة المناسبة في تلك الأجواء ألا وهي الثلاجة، حتى أخرجت ما فيها من مثلجات ونسيت النسكافية والشكولاته والسعادة وما إلى ذلك و رحت ألتهم المثلجات.
ساهمت المثلجات في احتقان حلقي بطريقة احترافية فأصبحت لا أقوى حتى على بلع ريقي.
بعد ساعتين اتضحت الرؤيا كانت نفسي المتوجسة على حق فلقد بدأت أشعر بأعراض نزلة البرد.
جهزت كل الأقراص الفوارة وغير الفوارة وكل أدوية البرد استعدادا لهذه النزلة الغير متوقعة، ولكن كل هذا لم يجدي.
مقارنة بين النساء والرجال
تواصلت حرارة جسدي بالارتفاع تزامنا مع ارتفاع درجة الحرارة بالخارج، ولكن لن يفسد هذا يومي أنا سأقاوم إلى آخر دقيقة.
أمسكت الجهاز اللوحي وبدأت أكتب مقالا هنا وقصة هناك، ثم قمت بالذهاب للمطبخ وتحضير الطعام.
وقعت عيني على أحد القصص المركونة فوق الرف، لم أنهيها طبعا لانشغالي الدائم مؤخرا.
أخذت أقارن نفسي بمؤلف الكتاب، تصورت أنه ألَّفه وهو جالس على مكتبه أو في شرفة بيته وبجواره فنجان القهوة وهدوء تام يغطي الأرجاء من حوله ويكسبها هيبة ووقار،
وذلك لأنه سيكتب شيئا ما عن قصة حب فاشلة تُبكي الفتيات أو ربما قصة تجعلهن يتعاطفن مع البطل الخارق الذي يقاوم عوامل الزمن والرطوبة والعواصف والبطلة المُعذبة التي تُضحي بمعجون الأسنان من أجل سعادة أسرتها.
أحيانا تدور حول بطل أنْهَكَهُ قلبه فأصبح يفيض حبا وحنانا على محبوبته المُنزهة عن العيوب والتي تستطيع أن تمشي على الجدارن وتتسلق الأشجار مثل القردة في رقة متناهية ودون أن يتحرك شعرها الذهبي الطويل وما إلى ذلك من القصص الأسطورية التي تنتمي لفئة الخيال العلمي.
ثم أمعنت النظر لنفسي وأنا ممسكة بالخلاط وفي اليد الأخرى المزيد من الأطباق التي أضعها في رشاقة مثل بهلوان السيرك، ثم أعود حافية القدمين في نصف ثانية لأتفقد مجفف الملابس و درجة تحمير الدجاج وأقلي البطاطس وأعد السلطة.
قصة موجة حارة - عندما يكون الكاتب إمرأة
التقطت أنفاسي وسط كل هذا و أكتب سطرا ثم أعاود الكرة دون كلل أو ملل مع الحرص على ترتيب غرفة المعيشة كل نصف ساعة، بسبب قوات الهكسوس التي تقطن في البيت وتحرص على نشر الفوضى في كل شبر من أرجاءه.
ناهيكم عن تلك المطالب الفردية والجماعية من عمل عصائر أو إعداد وجبات معينة.
اقرأ ايضا قصة قل لي كيف أنجو منك جزء ١
زيارة للطبيب
بدأت أشعر بالتعب والإرهاق ففكرت في زيارة الطبيب حتى أتلافى أعراض البرد التي تلازمني، لم تك فكرة صائبة بأي حال من الأحوال فلم يفلح واقي الشمس من صد تلك الأشعة البنفسجية البرتقالية النارية التي اخترقت بشرتي.
كان لازما عليا أن أضع كل الكمية على وجهي ولكن كنت سأبدو مثل المهرجين.
كادت حرارة الأسفلت الساخن أن تخترق حذائي كنت متيقنة أنني لو قمت بكسر بيضة على الأسفلت ستنضج خلال دقائق.
لم أجد غصنا واحدا يتحرك وعندما وصلت إلى عيادة الطبيب نطقت الشهادة فأخيرا ابتعدت عن الأجواء الحارة، لكن تلك المروحة التي وضعت في أحد جوانب صالة الإستقبال والتي تحتاج لعشر مراوح أخرى حتى تستطيع التحرك.
راسلتني صديقتي من لبنان تشكو من غياب الشمس طوال السنة فأخبرتها ألا تقلق لأن الشمس بالكاد لا تفارقنا وطلبت منها أن تستعيرها ولو شهرا واحد من شهور الصيف وتعطينا برودة الجبل الجميلة.
أخبرتني أن ندرة ظهور الشمس تُسبب نقص فيتامين "د"، وأنها تعاني من آلام العظام، حقيقة لم أكن أهتم بتلك النقطة فالمُتمتع بنعمة ما ينظر دائما لنصف الكوب الفارغ ويغافل عن الإيجابيات.
دخلت إلى الطبيب فقام بفحصي ثم أخبرني في سعادة لا توصف أنها نزلة برد، علامة الرضى كانت تظهر على محياه وكأنه قد اكتشف أسرار التحنيط.
ثم ما أن أمسك بالقلم حتى قام بكتابة عشرة أصناف كاملة، ثم أخذ يكرر مواعيد دواء الفوار و المضاد الحيوي وخافض الحرارة وضرورة الإلتزام.
عدت لمنزلي وتناولت هذا الكوكتيل الفريد من الأدوية التي تسببت في توعكي عشرة أضعاف فلقد ذهبت للطبيب وأنا أسير على قدمي وها أنا الآن لا أقوى على الحركة.
حاولت أن أتماسك وأواصل الكتابة وأجيب على الصديقات وأتظاهر بالتماسك فما فائدة الانهيار إذا كنت أنا من سأطبخ وأنظف الأطباق.
الأصح هو أن أتعايش مع دور البرد طالما أنه لا يوجد مجال للجلوس في الفراش مثل بقية خلق الله والتظاهر بالتوعك وشرب عصير الليمون وبعض التدليل وتناول النواشف وغير ذلك من الأمور التي أراها في الأفلام.
لا أجرؤ حقيقة على أخذ راحة من تلك المصارعة الحرة التي لا تتوقف وتلك المتاهة التي لا سبيل للخروج منها.
إعلان تسبب في فيضان من الرسائل
ما زاد الطينة بلة هو أني أخبرت مديرة الموقع أني سأنشر إعلانا بالنيابة عنها، لأنها احتاجت عشر فتيات للتدريب على الإلقاء في مجال قصص الأطفال.
كنت أحدث نفسي أن المتقدمات لن يتجاوزن الثلاث وأنه لا يوجد اهتمام بتلك الأمور، ولكن طالما وعدتها سأوفي وأقوم بواجبي وأنشر الإعلان فقد نجد من يسجل القصص المتراكمة بطريقة محببة لنفوس الصغار.
ليتني ما فعلت فلقد وجدت نفسي محاطة بسير ذاتية تفيد بأن جميع المتقدمات عملن في إذاعة الشرق الأوسط طوال سنوات، وقبلها تدربن في الBBC، وحصلن على شهادة الجودة من راديو صوت العرب.
تعجبت صراحة من اللهجات العربية التي يزخر بها عالمنا العربي، واستحضرت مشهد برامج المسابقات وأنا أستمع إلى الأصوات وأحاول تقييمها.
وبما أن المسابقة لقصص الأطفال فلقد كنت أطلب ترديد أنشودة" الطائر الصغير مسكنه في العش" و"البندورة الحمراء"" وقطتي صغيرة".
ثم وجدت نفسي اسمع مئات القصص المسجلة عن الثعلب المكار و الدجاجة الذكية والاميرة سنووايت والسندريلا.
راجعت كل مقاطع أفلام الرسوم المتحركة التي شاهدتها في طفولتي بداية من المحقق كونان وصولا إلى كرتون " الدببة الثلاث".
العجيب أن تصر إحداهن على التواصل وتلح رغم أنها تتحدث بلغة "المومي بوكي" أو "اللاتنينية" لا أدري.
إعلان الاكتفاء حاليا
لم يسعني أمام هذا السيل الجارف من الأصوات سوى أن أعلن عن الاكتفاء في الفترة الحالية.
أغلقت هاتفي لاتجنب تلك الاتصالات التي استمرت حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالي.
بعد ظهر اليوم التالي طلبت من المديرة أن أحذف الإعلان نظرا لأنها لا تملك الوقت لتجيب على الجميع.
أخيرا توقف طوفان الاستفسارات، عدت للقصة لانهيها فلا يعقل أن أتركها طوال هذا الوقت يعلوها الغبار، لابد من أعود لأكمل بقية الأحداث، لأتخلص من كل تلك الضوضاء والحرارة إذ أن القراءة تحلق بي في أماكن أكثر متعة.
قصة من فئة الخيال العلمي
لكن هذه القصة كانت حالمة لدرجة أنني راجعت اسم الكاتب مرارا وتكرارا لأتأكد بأنه رجل.
فالكاتب قد امتد خياله لآفاق بعيدة تماما عن أرض الواقع وصور البطل بصورة الرجل الذي يشعر بحبيبته وبما تفكر فيه ويأكل زيتونة واحدة في الأسبوع.
ابتسمت في سخرية فأنا على يقين أن هناك ملايين تخلوا عن حاسة الإحساس بمجرد الزواج.
فتراهم لا يفكرون سوى في المال أو كرة القدم أو هيكل السيارة أو أي شيء في الكوكب، ولا يخصصون ربع ساعة لمحاولة فهم زوجته أو حتى مجاملتها بكلمة لطيفة.
ترى النساء طوال اليوم في المطبخ فإذا عاد الزوج يجلس للمائدة وكأنه خرج من السجن أو عقوبة تجويع ويلتهم وكأنه على موعد ما دون مضغ فإذا فرغ لم ينطق بربع كلمة في حق تلك التي تقف أمام الموقد أغلب حياتها.
لا أعلم حقيقة السبب الكامن وراء أن يكون البطل في القصص والأفلام رجل مغامر يهوى الترحال واغلب الرجال يعشقون الجلوس على الأريكة دون حراك اللهم حركة جهاز التحكم وقت تغيير القنوات إذا اعتبرناها حركة.
قصة موجة حر - بريق أمل
حالة من الإحباط انتابتني بسبب كل ما مررت به ثم إن الموجة يبدو أنها أحبتنا وأقسمت أن تظل بصحبتنا أطول فترة ممكنة مما عزز صدور بعض التصرفات التي تنم عن التأفف والضجر.
اقرأ ايضا قصة اديبة بدرجة مغفلة
لم أستطع حتى شرب كوب من العصير البارد خشية أن يزيد السعال، لكن يبدو أن الأمل لم يغادر كلية حياتي إذ فوجئت بمدير أحد المواقع يخبرني أن مقالي عن الموجة الحارة قد حقق نجاحا وانهالت التهاني من كل فج عميق.
وقتها نسيت نزلة البرد والأدوية وأحببت تلك الموجة التي أعطتني قليلا من الأمل، من يدري ربما ينفجر أحد البراكين فأحصل بسببه على نوبل للآداب من يدري ما يحمله الغد لنا.
دمتم بكل ود.