شهر رمضان وبعض أحكامه و التحضير له في الجزائر

شهر رمضان شهر الصيام والقيام والصدقات، والبركات والتجليات والعتق من النيران، شهر التوبة والمغفرة والبراءة من الشرك والتغلب على الشيطان والتطهر من كل السموم في الروح والجسد، وفيه إعادة شحذ الهمم، وإعادة بعث العمل وإصلاح ما أفسده الدهر في باقي الشهور.

مسجد الأمير عبد القادر
 مسجد الامير عبد القادر 

  

شهر رمضان و منزلته العظيمة 

قال تعالى :  ( شَهرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّٰهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ ولَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) البقرة 184.

شهر رمضان شهر ليس ككل الشهور وفيه ليلة ليست ككل الليالي، ليلة خير من ألف شهر تتنزل فيها الملائكة والنفحات الإيمانية، فمن أدركها فقد حاز خيري الدنيا والآخرة.

مناسبة خاصة

شهر رمضان شهر يتميز بالحركة والبركة والتغيير والتطهير بكل أنواعه، والجميع يجعل لقدومه مناسبة خاصة يتهيؤ فيها نفسيا وبدنيا وحياتيا.

فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شهر شعبان أكثر من نصفه، وكان يدعو أصحابه لذلك وكأنه بذلك يحضر نفسه لخوض سباق شهر رمضان، فبصيام أيام شعبان نكون كمن أجرى التحمية لشهر رمضان.

شهر رمضان - الشاربات
الشاربات

شهر رمضان ومنافع الصيام

 الجميع بلا استثناء بات يعلم منافع الصيام، حتى أن هناك من يستعملونه كنوع من العلاج للسمنة أو الأمراض المزمنة،  والأمراض المتعلقة بالشرايين والأوعية، فهو فرصة لا تتكرر لتنقية الجسم من السموم .

فحين يجوع جسد الإنسان يأكل نفسه أو يقوم بعمليه تنظيف، فقد توصل العلماء أن جسم الإنسان عند تعرضه للجوع لمدة لا تقل عن 8 ساعات ولا تزيد عن 16 ساعة فإنه ينتج بروتينات خاصة تسمى autophagisomes في كل أجزاء الجسم.

اقرأ ايضا عاشوراء يوم عظيم وفضله كبير 

وتكون أشبه بمكانس عملاقة تتجمع حول الخلايا الميتة والسرطانية و المريضة وتحللها وتعيدها إلى صورة يستفيد منها الجسم.

 ونصحت الدراسة بممارسة الجوع والعطش مرتان أو ثلاث مرات في الأسبوع، وكان هذا موضوع جائزة نوبل للطب لعام 2016 للطبيب الياباني بورشينوري أوسومي عما يسمى عملية الإلتهام الذاتي.


 كما أنه يورث نوعا من الصفاء النفسي للإنسان فتقل عنده النرفزة والغضب والصياح، ويميل المرء للهدوء و المسامحة والتريث والإقبال على المصالحات وعقد الهدنات.


شهر رمضان والتحضير المسبق له

 في كثير من المجتمعات يعتبر قدوم شهر رمضان كمن ينتظر قدوم ضيف عزيز، في كل عام يطرق بابنا وأجسامنا وأرواحنا فتقوم العديد من الأسر بعملية التنظيف للبيت وتغيير الأثاث والسجاد وغيره إن أمكن وشراء أواني مطبخ جديدة وهذا محمود إن لم يكن فيه مغالاة وإسراف.

 كما يقوم الأهالي بعملية تنظيف شاملة للمساجد من جميع النواحي وهذا لاستقبال المصلين في صلاة التراويح وإقامة المسابقات الدينية وختمات القرآن، وهذا محمود لأن فيه النية الحسنة لتمجيد الشهر واستقباله على أحسن هيئة وصورة.

 كما تقوم بعض النسوة بتحضير الأكلات التي يمكن أن تخزن في المجمد حتى يستطعن التفرغ للعبادة في هذا الشهر الكريم، كتحضير العصائر والعجائن الخاصة بالمقبلات وكذلك أنواع السلطات والفواكه.

 ولا يفوتنا أيضا شراء ملابس العيد لمن كان في مقدوره ذلك، حيث أنه في الأيام الأخيرة من رمضان يكثر الزحام في المحلات التجارية وترتفع الأسعار بشكل جنوني .


شهر رمضان - قلب اللوز
قلب اللوز 

شهر رمضان هنا الجزائر

 منازل مثل خلية النحل وربات بيوت نشيطات لا يرتحن يقمن بأعمال التجديد والتحسين، فكيف نستقبل الضيف العزيز وشيء ما ناقص؟ 

يحل علينا شهر رمضان والمفارش جديدة والمقاعد معدة مصففة وأماكن العبادة تنتظر بلهفة والموائد مزينة بأفخم الكؤوس والصحون وكل أصناف المأكولات والحلويات لن ينقص شيء فالضيف قادم.

 في شهر رمضان يتغير التوقيت في العمل والدراسة ويعدل ليتناسب بحيث يكون في مقدور العاملات بدوام كامل العودة للمنازل أبكر من المعتاد لإعداد طاولة الإفطار.

 وأما التوابل فلن أحدثك عنها فروائحها تحكي بشغف كبير تلك القصة  الكمون والكركم والفلفل عكري والدرسة والكروية والزنجبيل والقصبر وغيرها.

 على المائدة سيد الشهر خبز المطلوع الشهي وشوربة الحريرة أو الفريك مع البوراك،  والسلطة المشكّلة والحميس والأطباق الرئيسية كالكفتة والبطاطا في الفرن والدجاج رولي والفلفل المحشي والأرز باللحم وغيرها.

 وأما الحلويات في السهرات فحدث ولا حرج قلب اللوز والزلابية وأصابع العروس والبقلاوة والمقروط والصامصة وكل معسل يفي بالغرض وزادته لمّة العائلة حلاوة على حلاوة.

 وأما العصائر فأشهرها على الإطلاق الشاربات بالليمون ذو النكهة الفريدة والشاي بالنعناع.

 لا حديث إلا عن أطباق الإفطار المتنوعة وساعات الدعاء المستجابة وعدد ختمات القرآن ومن نال شرف التهجد والقيام والإعتكاف في المساجد .

الليل كأنه نهار زيارات وخروجات لصلاة التراويح وصلة الأرحام أو للترويح عن النفس والجو كله تسامح وتراحم، هذا الشهر له وقع خاص في القلوب محبته لن يغيرها زمن ولن يؤخرها أي طارئ .

شهر رمضان الجامع الأعظم في الجزائر
الجامع الأعظم في الجزائر 

شهر رمضان ومراحله

 شهر رمضان أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النيران، هذه هي أيام رمضان العشرة الأولى تتنزل الرحمة و السكينة، والعشرة الوسطى يغفر الله لعباده ذنوبهم، وفي العشرة الأواخر يعتقهم من النيران وذلك لجهدهم وإخلاصهم في العبادة واعتكافهم عليها.

 شهر رمضان يعتبر فرصة كبيرة لحفظ القرآن وقراءته وأخذ أجره مضاعفا، كما أنه فرصة للتواصل بين الناس وزيارة الأقارب وصلة الأرحام، وكذلك إصلاح ذات البين.

اقرأ مقال عن وجبات فطور شهية وصحية للافطار في شهر رمضان المبارك 

 وتنقية القلب من الأمراض النفسية كالحقد والغل والكره والحسد والبغضاء والغرور والكبر وغيرها، وفيه يتساوى الفقير والغني في الصيام ولا يكون الجزاء إلا من جنس العمل والصيام لله تعالى وهو يجزي به ولا يفرق في ذلك بين فقير وغني وكبير وصغير، يزيد في الأجر لمن شاء .


شهر رمضان وبعض أحكامه 

لشهر رمضان أحكام عديدة يجب على المرء مراعاتها من أجل أن يكون صومه سليما صحيحا وينال الأجر التام باذن الله:

 أولا الإمتناع عن الأكل والشرب طول النهار من بزوغ الفجر إلى غروب الشمس وعن سائر المفطرات وفي هذا تدخل المضمضة الكثيرة المفضية لنزول قطرات ماء في الحلق، كما ينصح بعدم تذوق الطعام كثيرا لربات البيوت حتى لا يقعن في شبهة الفطر.

 ثانيا الامتناع عن الجماع وكل مقدماته فهذا من المحرمات في نهار رمضان وهو الإمتناع عن شهوة الفرْج وكذا كل ما يؤدي إليه من مقدمات .

 ثالثا الإمتناع عن السب والشتم والخصام وهذا لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فمن سابه شخص أو  خاصمه فليقل إني صائم إني صائم.

رابعا الإقتصاد في الأكل وعدم الإسراف وهذا من هدي الإسلام في كل شيء فشعاره الإعتدال والوسطية فبحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فالأكل والشرب الكثير يؤدي إلى الخمول والكسل والنوم وبالتالي التراخي وإضاعة العبادة وفوات ثوابها .

خامسا تعجيل الفطور وتأخير السحور.

سادسا قراءة القرآن وقيام الليل فهذا ما يتواءم مع شهر رمضان فأي صوم لمن لم يقرأ القرآن فيه ولم يقم ولو بضع ليال، فإن ذلك كمن كان صومه ناقصا خاليا من الأجر التام.

سابعا إشغال اليوم في العبادات قدر الإمكان والإبتعاد عن الراحة والدّعة، وكذلك عدم قضاء اليوم في الملهيات ومفاتن الدنيا بكل أشكالها وفي هذا يدخل ليل شهر رمضان أيضا فبعضهم يقضيه في السهرات والحفلات وهذا فيه ضياع كبير لأجره .

ثامنا الإكثار من الصدقات وإطعام الطعام والإحسان للناس كل على حسب استطاعته.

تاسعا الإكثار من الدعاء والمناجاة والتسبيح فدعاء المؤمن مستجاب فكيف بدعوة الصائم القائم.

 لا يسعنا في الأخير إلا أن نحمد الله على جزيل عطاياه  وإكرامه لنا بهذا الشهر الفضيل فهو فرصة ذهبية لمداواة وإصلاح كل الأعطاب التي تصيب آلة الجسم والنفس، وهو مناسبة لزيادة ومضاعفة الحسنات والإعتياد على كل أنواع الطاعات والقربات.

4 تعليقات

رأيك يهمنا

  1. سلمت اناملك .. رائع ... جميلة الحضارات على اشكالها .. شهر مبارك على جميع الامة الاسلامية

    ردحذف
  2. مقال رائع عن رمضان في الجزائر اعاده الله على الأمة الإسلامية بالامن والأمان سلمت أناملك ❤️

    ردحذف
    الردود
    1. تحياتي العطرة💞
      آمين يارب العالمين

      حذف
أحدث أقدم