قصة الماضي يعود من جديد |
قصة الماضي يعود من جديد
بعد ساعتين تمكنت نادين بالشعور بما يدور حولها فتحت عينيها لتجد نفسها وحيدة في غرفة لم تألفها من قبل بقليل من التدقيق أدركت أنها في أحد المستشفيات.
في بادئ الأمر اعتقدت أنها تعرضت لحادث فأخذت تحرك أطرافها و تتحسس رأسها.
حاولت بصعوبة أن تعتدل من رقدتها و أمسكت بحقيبتها في قلق وأخرجت المرآة تنفست الصعداء عندما رأت وجهها سليما.
أخذت تسأل نفسها عن سبب تواجدها في المستشفى إذا كانت سليمة لا خدش بها.
غير أنها أدركت أن السبب يرجع ربما لحالة الإعياء التي تشعر بها.
عادت لتضع رأسها على الوسادة و أخذت تجول ببصرها في الغرفة ثم حاولت أن تتذكر ما حدث بالأمس فتنبهت أنه كان من المفترض أن تحضر اجتماع هام مع أحد العملاء.
دخلت إحدى الممرضات و علقت محلولا بيد نادين التي بادرتها بالسؤال عن سبب وجودها في المستشفى فأخبرتها الممرضة أنها تعاني من حالة تسمم غذائي حاد.
تفاجأت نادين إذ أنها لم تأكل بالأمس سوى كيس صغير من البطاطس و عبوة عصير أعطتها إياها فيروز.
قصة الماضي يعود من جديد و قلق نادين
سألت الممرضة متى ستغادر المستشفى فأخبرتها عندما يقرر الطبيب وتسمح حالتها ستتمكن من المغادرة.
أمسكت نادين حقيبتها مرة أخرى لتتصل بوالدتها، لكنها فوجئت باختفاء هاتفها.
خرجت الممرضة وأحست نادين بقليل من الارتباك فهذا هاتفها مفقودا وكذا ملف المشروع لكن باقي الأغراض كما هي.
ثم استنتجت أن فيروز لربما أخذت الملف لتسليمه إلى المدير، لكن ما الذي دفعها لأخذ الهاتف، بعد دقائق دخل الطبيب فازداد ارتباك نادين لكنها حاولت جاهدة أن تتماسك وتخفي دهشتها.
أمسك بيدها ليتفحص نبضها و نظر للمحلول المعلق.
سألها كيف تشعر فأجابت: "حاسه بصداع وزي ما أكون عاوزة أرجع.."
رد عليها: "دا شعور طبيعي بسبب حالة التسمم إللي كانت عندك ومع الوقت هتختفي".
حاولت نادين جاهدة أن تتجنب النظر إلى أحمد وتتظاهر بأنها لا تعرفه وتعجبت من تلك المصادفة الغريبة، فها هو أحمد يحيى بذاته أمامها بعد سنوات.
قصة الماضي يعود من جديد ولقاء حبيب الأمس
من أول وهلة عرفت أنه أحمد فهي لا تخطؤه وكيف تخطئ العين من كان قُرتَها. من كان توأم الروح في الماضي عاد لكن الروح أنكرته هذه المرة إذ أنه كان السبب في جرح غائر في القلب يصعب تجاوزه.
تذكرت نادين تلك الليالي الطويلة التي تبللت وسادتها فيها بسبب دموعها التي لم تتوقف.
عاد من جديد هذا الشعور بالضياع لكن هذه المرة لم يكن بمرارة الأيام الخوالي لقد كان أخف وطأة.
وقت قرار الانفصال الذي اتخذته كان الأمر أشبه بمفارقة الروح للجسد ضاقت الأرض بما رحبت عليها، فهي لم ترغب أبدا في فراق أحمد إذ كيف للنفس أن تفارق من جعل الحياة لها معنى.
قصة الماضي يعود من جديد واختفاء أحمد
لم يكن هينا أن تبتعد عنه، فهو من علمها كيف يكون الحب، لقد أعطاها حب أحمد وقتها ثقة في نفسها ودفعة إيحابية في كل جوانب حياتها، أحبت الدراسة و أصبحت مختلفة تماما عن تلك التي كانت تتخبط وكأنها مركب في اليم وقت اشتداد العاصفة.
لقد كان أحمد هو الربان الذي جعل سفينتها تقاوم وتبحر بلا خوف أو قلق وتتخطى الأمواج العاتية في ثبات و إصرار.
لكن كل هذا اختفى في لحظة واحدة بلا مقدمات إذ اختفى أحمد فجأة فاعتقدت نادين أن هذا بسبب الإمتحان النهائي الذي كان يستعد له و بررت أن هذا بسبب ضغط المذاكرة ولم تشأ أن تكون عقبة تعطله عن الوصول لهدفه، إذ أن أحمد وعدها أن يحصل على تقدير امتياز.
راسلها قبل الإمتحان وأخبرها بوفاة زوج عمته وأن الجنازة حضور العزاء أمر لم يكن في الحسبان لكن نادين نصحته بأن يتماسك ويحاول أن يركز في الإمتحان.
آخر يوم في الإمتحان توقعت كما اعتادت منه أن يراسلها ويطمئنها لكن أحمد اختفى تماما بررت بأنه لربما أطال السهر في الليلة السابقة و أنه خلد للنوم من شدة التعب وتوقعت أن يراسلها في الصباح لكن مرت صباحات كثيرة.
اعتادت نادين قبل اختفاء أحمد كل مساء أن يتراسلا كانت لتطمئن عليه وتمنح قلبها لحظات من السعادة في آخر اليوم و لتستمد قوة لتكمل بها في الغد.
كانت نادين في حيرة إذ كيف اختفى من كان يناديها حبيبتي ألم يؤلمه قلبه فهي تشعر بأنها تموت كل دقيقة بدون أحمد، كيف لأحمد أن يتركها وقد استبد بها القلق والألم فحُرمت النوم والراحة.
قصة الماضي يعود من جديد و صدمة على حين غرة
بعد أسبوع كامل قررت نادين أن تتصل بأحمد الذي بدا وكأنه أحمد آخر لم تألفه لم تسأله عن سبب اختفائه مع أنها كانت تود لو يخبرها عن كل دقيقة في هذا الأسبوع الذي استطاع أن يعيش فيه بدونها.
أخبرها أنه على سفر وريثما يستقر سيراسلها في المساء كانت نادين تشتاق مرة أخرى لحديث أحمد الذي أخبرها أنه سافر ليعمل في أحد المستشفيات لتحصيل بعض المال.
أخذت كعادتها تشجعه وتهون عليه وطلب منها أن تدعو له بالصلاح والتوفيق، لم يكن يعلم أن نادين تدعو له في كل سجدة وتتضرع ليل نهار ليكون في أتم صحة وعافية.
لم يكن يعلم أن صورته لا تفارق مخيلتها قط وأنها لا تغفل دقيقة عن الدعاء له.
لكن يبدو أن أحمد سيلقن نادين درسا لن تنساه، إذ أنه أخبرها أنه يراسلها من الشارع وأن هاتفه قد أوشكت بطاريته على النفاذ و بغير قصد أرسل لها صورة لشاشة هاتفه.
لم تنظر نادين لصورة الشاشة لكن ما راعها أنها وجدت أنه يراسل فتاة أخرى وأنه أرسل بالخطأ لكلتا الفتاتين صورة شاشة لمحادثته مع الأخرى.
كان الخطب جلل في بادئ الأمر لم تفهم نادين ما يدور وعندما بدأت الاستيعاب قرأت نص المحادثة.
إذ كانت الأخرى كما يبدو تدعى جوري وأنه تسأله غاضبة عن التي يقوم بمراسلتها فكانت إجابة أحمد لجوري التي يضع بحوار اسمها وردة حمراء أنه لا يحادث فتاة أخرى وأن التي يراسها كما كتب موضحا لها " دي مش حد".
قصة الماضي يعود من جديد وسقوط قناع أحمد
كان التقرير النهائي عن قصة الحب هو " دي مش حد"، كانت الصدمة أكبر من أن تستوعبها نادين .
وتخيل أن تعيش مخدوعا متوسما فيمن اختاره قلبك الصلاح فإذا به من نسل إبليس.
تخيل أن من رأيته أجمل مخلوق على وجه البسيطة مجرد لاهٍ عابث يتسلى بهذه و يتودد إلى تلك، ما أقسى أن ينكشف الستر وتسقط الأقنعة.
ليت أحمد أخبرها أنه تعلق بأخرى أو أنه عدل في مخططاته التي كان دائما ما يطلعها عليها، ليته أخبرها أن كل تلك الأحلام كانت محض هراء.
وأن ما كان بينهما هو مجرد تمضية وقت فراغ لا أكثر ولا أقل.
وأن طالب الطب يهيم بجوري أو يتسلى بها هي الأخرى ريثما تظهر واحدة أخرى، سيبتعد دون مقدمات بسبب الملل وضياع الشغف.
هكذا هو أحمد كما اتضح متأخرا باحث عن التجديد ويمل بسرعة ويبدو أنه عاد لتطبيق شعاره القديم، إذ أن شعار أحمد في الحياة كما كان يخبر نادين" تروح بنت تيجي ألف بنت".
قصة الماضي يعود من جديد ودرس لا يُنسى
ليلتها انهمرت الدموع فلقد تحولت صورة الملاك لشيطان مارد، كل كلام أحمد كان كذبا وتسلية لم يعرف أحمد معنى الحب فلو عرفه لأخلص لنادين واحترم تواجدها في حياته.
اتضح أن أحمد يتسلى برغم المرارة والصدمة وقتها حاولت نادين جاهدة أن تتمالك نفسها وحمدت الله انها أفاقت في الوقت المناسب وقبل فوات الأوان فأمثال أحمد تجري الخيانة في عروقهم ولن يتغير أبد الدهر إلا إذا أحب بصدق.
من يدري لربما تهب الحياة لأحمد من تعلمه كيف يكون الحب، لكنها لن تكون نادين بأي حال من الأحوال،
حاول أحمد أن يبرر لكن هيهات فالكلام كان واضحا وضوح الشمس .
ولربما حدث هذا الخطأ في إرسال الرسالة رحمة من الله بقلب نادين التي كانت ترى كل البشر بقلوب بيضاء وترسم صورة وردية وتصدق كل ما تسمعه.
فرحمة الله وإن بدت صعبة وثقيلة في تقبلها على الروح والقلب و يصاحبها العبرات التي تحطم الفؤاد إلا أنها تأتي في الوقت المناسب لتعيد للمرء صوابه ولاحقا يشعر بالامتنان لما حظث.
لقد أعطى أحمد لنادين درسا قاسيا لن تمحوه الأيام جعلها متوجسة الخطى تكره حتى فكرة الحب والارتباط لقد كرهت نادين كل الرجال بسبب هذا الذي بدا في صورة الرجال لكنه لم يكن سوى صبي أحمق تافه في صورة رجل يافع.
غير أنه بعيدا تمام البعد عما تقتضيه الرجولة الحقيقية إذ أن الرجل الحر لا يتلاعب بالعواطف وتأبى نفسه الحره أن تسلك دروب السفهاء.
لقد أبكى قلب نادين من كان قرة عينها من دعت الله دوما أن تظل البسمة على وجهه أبد الدهر، لقد سحق قلب نادين هذا الذي تمنت أن تبقى بجواره و تمضي سنوات عمرها برفقته.
يتبع...
دمتم بكل ود..
سلمت اناملك ❤️❤️
ردحذف