وعند كل النهايات تقبع بدايات جديدة
وعند كل النهايات تقبع بدايات جديدة, يحكى أن ثورة أحد البراكين كانت هائلة، قصف الجمر اكتسح رقعة شاسعة من الأرض ليذيب الحياة عليها. وزحفت سيول الحمم الصاخبة باتجاه القرية لتسحق كل تلك الذكريات وتعلن نهاية الحكاية بأسلوب مأساوي.
كان الرماد الساخن وحده أكسجين الأهالي الذين حاولوا عبثاً الهروب. الرماد الساخن الذي منحهم لوناً يشبه لونه وسكوناََ مرعباً يتسم بالنهاية. لم يكن للحزن مكان على تلك القرية فالجميع تلاشى.
وعند كل النهايات القاسية بدايات جميلة
تلاشت القلوب المحبة والعقول المتشبثة فلم تكن تلك الخسارة العظيمة خسارة في حق أحد.
وعندما التقت سيول الغضب بماء البحر ثار البحر محاولاً المقاومة.
كانت تلك المحاولات عبثية فسيل الجحيم الغاضب كان يؤدي رسالته بصمت وإصرار.
سجر الماء واحتضرت فيه الكائنات وعاد حمضيا لا يصلح للحياة!
ماتت كائنات قلبه التي كانت تدب فيه كأنها روحه .
وتراكمت في قلبه قريباً من الساحل جنود الحمم المنطفئة سوداء تروي للمارين حكاية الحكايات البائدة!
ليصبح الحدث ظاهرة طبيعية في ظل موت المشاعر التي ستحتضن الفاجعة.
وعند كل النهايات تقبع كل البدايات
وعندما مرت السنين بتلك القرى تتلوا عليهم آيات الله تترا، بردت الحمم واسودت الهضاب والقمم.
ودبت فيها الحياة أول مرة بعد ذلك الموت الجماعي العظيم في القيامة المرئية والمسموعة.
كانت رحلة استكشاف لعدد من الباحثين الذين أكدوا أن حجارة هذه القرى قد تحولت إلى معادن نفيسة!
وهب إليها المتاجرون سباع الحياة من كل حدب وصوب وحفرت عليها المناجم لتخرج تلك النهاية من مصهورات باطن الأرض كنوزا..
كل النهايات تطرح بدايات جديدة
كانت الكنوز هي الجاذب الوحيد الذي سيسحب الحياة لتلك الأرض الخاطئة من جديد، الكنوز وحدها من تجعلهم يغفرون خطيئة لم تختارها هي بل إرادة السماء من قدرت وارسلت.
ودبت الحياة على تلك الأرض السحيقة اليباب واتضح للزراع أيضا أنها أرض صالحة للزراعة أكثر من أي أرض أخرى لما تحتويه من تنوع المواد العضوية المحترقة والمعادن.
اقرأ أيضاََ :"خاطرة فجاج الحياة خواطر اجتماعية".
ومرت الشهور ونبتت على تلك الأرض جنان تسلب الألباب ثم فنادقا للسياح وتحولت من قرى بائسة إلى جزر نادرة في نباتاتها وكنوزها ومياهها النقية العذبة!
كانت تلك النهاية هي نقطة في آخر سطر وهي إعلان لبدء سطر جديد. كانت نهاية علنية في باطنها سر البدايات الخفية والحكم الإلهية.
واقترب زائر كان خارج البلاد حين هلك كل أهله يتطلع على الأرض كيف خلعت ثوبها القديم ولبست ثوباً جديداً لا شبيه له بين الثياب.
اقترب ووقف على لسان صخري ممدود في الماء كأنه يحاول أن يحكي حكاية الموت السريع ويروي للناس صرخات لم تكتمل.
كان ذلك اللسان الصخري قد تكون من حمم البركان التي اقتحمت البحر يومها لتحوله إلى موت ويحولها إلى حياة. وقف الشاب يتأمل نقاء الماء وجمال الطبيعة الذي يأسر القلب.
نظر يمينه ويساره ليرى سيولاََ بشرية أنيقة ذات ثياب زاهية الألوان تتدفق في دروب تلك القرى، وتذكر ابتسامة امه الفقيرة وكرة القش التي كان صغار القرية يلعبون بها.
ادرك الشاب أن لا مكان لحزنه فالقلوب جميعها تفحمت على تلك البقاع لتتحول الأرض بنسيج خلقتها إلى جنة.
ادرك الشاب حين تخطفت الرياح التي تبشر بالمطر قبعته بعيداً أن البشر يفنون والأرض تبقى.
ادرك أن ليس في الحياة متسع للأحزان فهي تغسل بالأيام ما يشوبها وتستمر.
انقر هنا لمتابعة صفحتنا على الفيس بوك
بقلم الأنامل اليمنية :
"زبيدة شعب"
جميلة وعميقة
ردحذفأفخم من يرجع يكتب
ردحذفبالفعل البشر راحلون والارض تبقى كلام معبر احسنت الوصف
ردحذفروعة
ردحذف