طريق السعادة |
قصة في طريقنا نحو السعادة
عادة ما نخرج فجرا في عطلة نهاية الأسبوع، نتمشى ثلاثتنا سويا نتجاذب أطراف الحديث وكل يدلي بما يحلو له.
هذه العطلة بدت مختلفة فلم أشأ أن أنطق بكلمة ،إكتفيت بالإنصات لما يقوله أخي ،فهو لديه طريقة رائعة في سرد القصص تجعلك تتخيل وكأنك تعايش الأحداث.
عادة ما يقص علي الكثير، غير أني لم أفكر ولو لمرة في أن أسجل ما يقوله، على الرغم من أن قصصه مشوقة ، أحتفظ بها لنفسي وكأنها سر خاص بنا ولا يحق للآخرين مشاطرتنا إياه .
أصرت أختي أن نتمشى بلا أحذية كالعادة، ونتفوه كل مرة بذات الكلام ألا وهو أن هذا الصنيع من شأنه أن يشعرنا بالسعادة بقية الأسبوع ، لا أعلم عن أي سعادة تتحدث.
أعتقد أن السعادة لا تستيقظ في الخامسة فجرا ،فلابد من أنها مرفهة بعض الشيء وتصحو في العاشرة ، خاصة في العطلات مثل باقي البشر.
حثني أخي أن أقول شيئا ما عن نفسي ،فأخبرته أنني هذا الأسبوع كنت في غاية الإنزعاج ،حقيقة أصبحت أرد مؤخرا على الرسائل ولا أجد وقتا للكتابة مطلقا.
نصحني بأن أتعلم فن التجاهل وألا أتبسط في الحديث، فإرضاء البشر غاية لا تُدرك وإن فعلنا المستحيل.
هذه المرة اقترحت عليهم أن نجرب طريقا آخر من باب كسر الملل ، كما اقترحت أن نسير بإتجاه القرية التي لاحت مبانيها في الأفق، ثم نعبر شريط السكة الحديدية ،ثم نعود من الجهة الأخرى لنصل إلى المدينة مرة أخرى.
كان الطريق مخيفا بعض الشيء، لأن حقول الذرة تحيط بنا من جميع الإتجاهات، فلم نجد بُدَّا في مواصلة السير لأننا ابتعدنا بما يكفي عن الطريق الرئيسي.
قصة في طريقنا نحو السعادة - متاهة
أحيانا يكون الهدوء مزعجا ،فلم نجد أي مُزارع لنسأله عن كيفية الخروج من متاهة حقول الذرة التي دخلناها طوعا.
خشيت أن يلقيا اللوم علي لأنني صاحبة هذا الإقتراح الأحمق، غير أنهما لم يكترثا وواصلا التقدم وسط الحقول.
لم تظهر القرية ولا مبانيها رغم أنها بدت قريبة من فوق الكوبري، فقررنا التوقف لالتقاط الأنفاس، بعد دقائق سمعنا صوت القطار فتبينا وجهتنا مرة أخرى.
و نبقى معا |
حقيقة كان سماع صوت القطار المزعج كفيل لمنحي سعادة لا توصف .
اقرأ أيضا :"قصة ليتني ما عرفت الحب قصص قصيرة جزء ٤".
عبرنا الشريط الحديدي، ثم نزلنا للطريق السريع والذي امتلأ باللافتات عن العيادات الخاصة و قاعات الترفيه.
أخبرت أختي أنني لن أتحرك من مكاني لأن قدماي تؤلماني، وجلست ورفضت تلك المحاولات الحثيثة بجعلي أتحرك،
ارتديت حذائي متبرمة فما ذنبي أنا إن كانت تبحث هي عن السعادة وسط الحقول ،وأنا على يقين تام بأن السعادة موجودة في البيت على تلك الأريكة مع أكل المثلجات.
لاحت من بعيد عربة يسحبها حمار ويقودها صبي في الثانية عشرة من عمره ،يبدو أنه في طريقه للمدينة ليبيع بعض الأشياء، أوقفه أخي وأعطاه بعض النقود ليأخذنا معه في طريقه ففرح كثيرا.
ترددت أختي في الركوب، أما أنا فطلبت من أخي أن يساعدني على الركوب، فطالبتنا أختي بأن نتريث فلربما
جاءت سيارة، فأشار أخي على الصبي أن يتوقف قليلا ، غير أنها أيقنت أن الأمل ضعيف في هذا الوقت بعد أن انتظرنا قرابة ربع ساعة، وهمت بركوب العربة أخيرا .
قصة في طريقنا نحو السعادة - العربة
كانت العربة محملة بحزم النعناع الأخضر والبقدونس، وسلة من الباذنجان الأبيض والكوسة والطماطم، وزجاجات حليب و بعض الجبن والبيض وثلاث دجاجات.
أخذ أخي يتحدث مع الصبي ثم اشترى منه كل ما في العربة من بضائع ،غير أنه اشترط عليه أن يوصلنا لباب البيت .
وقتها رفعت أختي يدها نحو السماء وأخذت تدعو كثيرا ،لم أتبين ما تقول فأنا انشغلت مع الحاجات ولم أكترث لما تدعو به.
غير أنه عقب وصولنا للبيت ودخولنا أخذت تتنفس الصعداء، فاستفسرت منها فأخبرتني أنها كانت تخشى أن يراها الجيران.
فرحت أمي كثيرا بعودتنا وأمرتنا بالبدء فورا في تجهيز خلطة المحشي ،لأنها تود أن تتناول محشي الباذنجان والدجاج في الغداء.
عقب ثلاث ساعات متواصلة من صنع المحشي بكافة أنواعه من الباذنجان والكوسة والطماطم ، تمكنا من إنهاء المهمة الشاقة ،بينما تولت أمي إعداد الدجاج .
وقت الغداء وبعد أن رأيت عصافير دماغي ترفرف حول رأسي من شدة التعب ،أخبرتهما أنني أتخلى وبكامل إرادتي عن حقي في تلك الرحلة الأسبوعية للبحث عن السعادة.
دمتم بكل ود.
بقلم الأنامل المصرية:
"أسماء خشبة"
المزيد من قصص التشويق خاصتك... اعشق سردك للأحداث... ❤️
ردحذف👍👍👍
ردحذفمبدعة ومتميزة احسنت
ردحذف❤❤❤❤❤
حذف