قصة عروسٌ موؤدة |
قصة عروسٌ موؤدة
كانت تتأمل انعكاس صورتها على النافذة، وتحسب كم سِنًا يخبئه فاهها الصغير، تظل محدقةً في لون عينيها اللتان
تبدوان كشمس الأصيل وتحدث نفسها بكلمات طفوليةٍ تبلغ عشرة أعوام متى سأكبر؟ متى سيأتي اليوم الذي أستطيع أن أحقق فيه أحلامي؟
لطالما كانت ندى تحلم أن تكون طبيبة لطيفة فتساعد أولئك المرضى أو أن تكون شخصيةً تبني مدارس حول العالم ودور أيتامٍ كتلك الشخصيات التي يُكتب عنها في الصحف...
وبينما هي منهمكة في الحديث عن مستقبلها ، تدلت ظفيرتها الطويلة على جسدها النحيل كساق نخيل معلقة،
ليأتي أخوها الأصغر ساحبًا خصلاتها نحوه وكأنه يقول لها عودي من رحلتكِ السرابية فنحن مازلنا في قريتنا .
قصة عروسٌ موؤدة - الحكايات الوردية
تناديها أمها أن مازلت على عهدك القديم في التحدث إلى نفسك في النافذة، تغادر ندى الغرفة وفيها حكاياها الوردية.
وتمر السنوات لتضع لمساتها السحرية على وجه الطفولة وتجعل منه مصلىً للجمال يُغري كل عُباد الهوى امتلاك مفاتيحه..
لم تكن تدري صغيرةُ الأمس إن جمالها الفتان ماهو إلا سببًا في وأد أحلامها الناشئات ..
فهي تعيش في عالمٍ يُحظر فيه الحُلم وتُعدم الآمال عند أول ظهور لأية بادرة فهو خارج عن القانون ويخالف الدين ويعارض العادات..
قصة عروسٌ موؤدة |
إنها لم تكن تعي كل ذلك قبل أن تخبرها أمها أن أبيها وافق على تزويجها من شابٍ في قرية مجاورةٍ لقريتهم وأن تتوقف عن الدراسة بعد اليوم وتعد نفسها لتكون عروس تُزف بعد أيامٍ قلائل..
قصة عروسٌ موؤدة - قفص العادات
لم تحسب ندى لهذه اللحظة حساب وكيف لها وكل مايشغل فؤادها كيف تنهي واجباتها المدرسية وتتفرغ لقراءة كتابها الجديد الذي أهدته إياه معلمتها كجائزة مقابل تفوقها الدراسي،
تلألأت عيناها بالدموع وكأنها حبات كريستالٍ تتساقط نحو خدها الأملس، ولأول مرةٍ تعجز ندى عن الكلام وتكتفي بعينيها لترجوها ألا يكون ماتقوله حقًا ..
اقرأ أيضًا :"قصة مشنقة شرف قصص قصيرة".
وتكتفي أمها هي الأخرى بضمها بقوة وقلبها يتمنى لو يستطيع كسر قفص العادات ويُطلق سراح ندى لتُحلق بعيدًا حيث تعيش الأحلام وتنمو وتكبر لتتوج صاحبها ويدوّن اسمه بين الكبار..
قصة عروسٌ موؤدة وقيود البشر
أدركت ندى أن روحها وؤدت ولا مجال للهرب من واقعها فرضخت كما رضخن من هن أسبق منها وأمِلت أن يكون حظ ابنتها المستقبلية احسن حالا منها ..
وهكذا تستمر سلطة العادات جيلاً بعد جيل، فلو تمرد السابقون لمَا بئس اللاحقون، ولكن لابد من أنه سيأتي زمان يولدُ فيه من يستطيع قول : " لا " ويبني عالمه الخاص
بعيدًا عن قيود البشر الأنانيين ويضمن حرية طموحاته وحريات الأجيال المتقادمة من بعده..
بقلم الأنامل اليمنية :
"مريم الجبري"
هذه العادات مازالت موجودة عندنا لكن أشعر أنها بدأت تنحسر أن شاءالله القادم افضل
ردحذف