رواية هرارة الرماد روايات رومانسية جزء ١٦- أدب عربي- قصص أنامل عربية

 

رواية هرارة الرماد  جزء ١٦- أدب عربي- قصص أنامل عربية
رواية هرارة الرماد 


رواية هرارة الرماد الجزء السابع عشر 

كانت العنقاء تتجهز لحضور هذا الحشد المهيب فضولاً منها لرؤية تلك الطقوس، واستمتاعا بسماع تلك المزامير التي تريح مسامعها مبررة: 

"على الأقل فقرع الطبول أفضل من قرع الصميل" 

كانت ترى في حلقات الفوضى تلك سكينة لروحها الموجوعة وإنصافاً لتلك الطفلة التي تئن بين أضلعها وجعاً من ضريب حمى الجدري وضرب المقرئ المرعب! 

لحقتها مالكة تريد الذهاب معاها لكنها رفضت خوفاً عليها وفضلت أن تأخذ معها ريحانة أملاََ في إلحاق الضرر بها قدر المستطاع. فقامت بدفع ابنتها بعيدا:

"أنا لم آخذ ريحانة معي منذ زمن طويل، هذه المرة دورها"

لكن ريحانة سمعت حديث زوجة ابيها ،شحيحة الخير، وبدأت تفكر في الأمر الذي باتت تدبره لها هذه المرة! 

فمثل العنقاء لا ينوي خير لأحد، مثلها يشعر بضيق شديد إن سعد من حوله فما هي الحيلة من الذهاب إلى حلقة المجاذيب وحضورها! 


رواية هرارة الرماد, الهرارة  في قدر اللسيس

وضعت العنقاء قدراً من حبوب (اللسيس)  للريحانة وأمرتها أن تأكله كله! 

فتساءلت ريحانة عن سبب اختيار هذا النوع من الطعام الذي يسبب التخمة الفظيعة لكن سرعان ما همس نافع في أذنها:

"كليه كله ولا تخافي من شيء" 

بدأت ريحانة بالتقاط حبوب اللسيس وأكلها والعنقاء تراقبها وذلك الشر يلوح من وجهها وتفوح من نبرة صوتها رائحة الغدر كما تفوح رائحة الحطب المحترق. 

أبقت ريحانة ما تبقى منه لأنها شبعت فتغيرت سريعاً صورة العنقاء وصرخت بصوتها الغليظ: 

"كليه كله لا أريد أن تبقي في القدر حبة واحدة!" 

فهمس نافع في أذن الريحانة مطمئناً إياها:

" تظاهري أنك تأكلين .."

فكانت ريحانة كلما تدخل لقمة في فمها، تناولها نافع ودافع وهكذا حتى انتهى القدر والعنقاء تراقبها باهتمام بالغ. وعندما أكملت الفتاة محتوى قدر 

الفول، سحبتها من يدها و اصطحبتها إلى الحلقة لتجعل منها مصدراََ للروائح الكريهة ويبغضها الناس أكثر وتضحك هي قليلاً من ذلك المشهد الذي تسعى لتجسيده. 

فهرارة الرماد، البنت القذرة ابنة رحيمة التي هربت ونصير المجنون لم يعد ينقصها إلا حضور حلقات المجاذيب والغناء بينهم برائحة كريهة، ليتم نسفها نهائياََ. 


هرارة الرماد تغني في الحلقة

سعت العنقاء إلى تشويه سمعة ريحانة بل إلى مصادرة إنسانيتها مصادرة كلية بكل ما أمكنها من خديعة وبكل ما استطاعته من غدر. 

وعندما وصلتا إلى ميدان الحلقة، وعلت في آذان ريحانة أصوات طبول المجاذيب ومزاميرهم المرعبة، أغلقت أذنيها بسرعة خوفاً مما تسمع. 

جذبتها العنقاء من يدها بقوة ورمتها وسط الحلقة وقد بدأت بطنها بالانتفاخ من أثر وجبة اللسيس وأمرتها بالغناء. 

التف حولها المجاذيب وظن الناس أنها مليئة بالزيران وصفقوا لذلك الرقص المريب ونفخ المجاذيب في مزاميرهم استعداداََ لإخراج الزار منها! 

شعرت ريحانة بالحزن الشديد من جديد، أغلقت عينيها من هول ما ترى حولها، وسدت على أذنيها بكفيها الرقيقتين، لكن دافع همس في قعر أذنها:


هيا يا اختي غني ولا تبالي…قولي …!

يا قاطف الفل كيف نسيتني؟ 

امن جور الزمن غبت وتركتني! 

خذني إليك أميرة لا شبيه لها.. 

في غصن ريحانٍ والرماد يلفني. 


واخذ يلقنها كلمات ترقق الصخر من عذوبتها، فتناست كل العالم من حولها وأنصتت إلى ذلك الصوت الجميل في أذنيها وبدأت تغني وتغني حتى بلغ لحنها الآفاق ليصل عبر الأثير إلى مسامع ذلك المحتار في أمره خلف أسوار قلاع الحكم. 

- إنه ذات الصوت الذي سمعته يوماََ ما.. ما الذي يحدث لي! 

شعر الأمير محمد كأن أيادٍ خفية تجره بلطف لتخرجه من قلعته تلك.. وسمع همساََ كأنه الخيال:

- نعم هذه هي.. اذهب إليها! 

اقرأ أيضًا :"فجاج الحياة". 

تعبت ريحان وبدأت تشعر بألم شديد في بطنها فجلست وأخذت تردد:

"افرشوا لي الحرير ،اين الذهاب وأين المسير"

كان الناس يصفقون بقوة والمجاذيب يضربون الطبول وينفخون المزامير أملاََ منهم أن تدوخ أخيراً ويخرج منها الجن ليحققوا إنتصاراً وهمياً جديداً. لكنها ظلت ساكنةً  توزع عليهم نظرات الانهزام وقلة الحيلة تشعر بدوار عجيب.


رواية هرارة الرماد والرماد من ذهب

تنكر الأمير بسرعة في زيٍ تهامي ثم انطلق باتجاه الحلقة يحاول تتبع ذلك الصوت مستخدماََ بوصلة قلبه باتجاه الصوت عله يرى صاحبته. 

كان دافع ونافع يدفعانه باتجاه الحلقة بقوة فأسرع  كأنه شهاب يسابق الريح. بدأت هرارة الرماد تنثر تراباً من الذهب من تحت ثوبها، ومن أكمامها، ومن تحت طرحتها! 

اجتمع الرجال والنساء يتصارعون كلا منهم يفرش رداءه وكلاََ منهن تفرش ملائتها، والريحانة تمطر ذهباً وتردد مقولتها ثم تعبت وفضت بذراعيها الرقيقتين زحام الناس وهربت. 

حاول الناس اللحاق بها فتشبه دافع على هيئتها وشبه لهم أنها دخلت أحد الأزقة فظلوا يهرعون خلف ذلك السراب حتى أختفى فجأة بينما أخذت هي طريقاً آخر.

 وصل الأمير متأخراََ ليجدها تهرب مبتعدةً ولم يستطع اللحاق بها خوفاََ من أن يراه العامة من الناس.

تخفى خلف حائط بيت بسيط ليراقب المشهد من بعيد، لكن دافع ونافع  ذروا زجاجاً في دربها وغدت تهرب والدماء تسيل حتى وصلت دارها.

 تتبع ابن الحاكم تلك الدماء حتى عرف عنوانها وبدأ يسأل أهل الحي متنكراََ عن تلك الفتاة فيحكي له كلاََ منهم القصة من وجهة نظره ويضيف ما يعتقده. 

أدرك الأمير أن هذه الفتاة تخفي وراءها سراً عظيماََ. تنكر بثوب سائل فقير ليستطيع أن يحوم حولها دون أن تشعر به أو يشعر به أهل الحي .

 أما العنقاء فعادت غاضبةََ مما حدث غضباً شديداً وأخذت تشق ثياب الفتاة باحثة عن ذلك الذهب فلا تجده!

شاهد فيديو لا تبتئس ولا تجزع من شيء

 فظنت أنها من فعال المجاذيب وسحرهم فقررت حبسها في حظيرة الأبقار مدى الحياة عند العودة إلى القرية.

انقر هنا لقراءة الجزء 17 من رواية هرارة الرماد


رواية هرارة الرماد بقلم الأنامل اليمنية 

"زبيدة شعب"

1 تعليقات

رأيك يهمنا

أحدث أقدم