خاطرة وما بين الفطرة والمنطق فلسفة تروى خواطر وجدانية


ما بين الفطرة والمنطق خواطر
ما بين الفطرة والمنطق


خاطرة وما بين الفطرة والمنطق فلسفة تروى

طُرِق الباب طرقات سريعة؛  منتظمة كأنها معزوفة بريئة قد قطفت من ألحان طفل صغير. 

"من ذاك! "

أسرعت إلى الباب وقد شحذت كل فراستها حضور ولدها على الباب. 

إقتربت قليلاً وقبل أن تمسك مقبض الباب بكفها المبلول، مسحته بمريلة المطبخ الملفوفة على خاصرتها،  ثم فتحت. 

"أهلاً صغيري "

إحتضنته بشغف المفارق للغائب منذ سنين عند عودته من المدرسة. 

خاطرة وما بين الفطرة والمنطق - الأمومة 

وبعد أن خلع حذاءه الأسود، قامت بمسحه سريعاً لتدخله خزانة الأحذية، ثم حملته إلى غرفته لتبدل له ثياباً قد شاركته أجمل اللحظات حتى بدت ذكرياته عليها ناطقة بالمرح نابضة بالفطرة. 

لم تكد تلك الأنامل الحنونة أن تفك أزرار قميصه الأول؛  إلا وخُطِفت نظراتها بحركته السريعة تأهباً للإنطلاق. 

نظرت إليه بحزم وقد عقدت للجدية حاجبيها وقالت :

"هل هذا وقته.. تناول غداءك ثم عد لمراجعة دروسك "

جمع في ملامحه البريئة كل تعابير الرجاء، وأمسك كفيها منادما سحر حنانها بسحر جماله :

"ماما.. إتفقت مع نديم أن نلعب اليوم في الحوش معا، أرجوك لن يضربني مجدداً"


خاطرة وما بين الفطرة والمنطق - نصائح الأم 

لم ترقها الفكرة أبداً وحملته لتغسل تلك الخدود الناضجة احمراراً من حر الشمس، ثم أنهت الجلسة بقبلة على وجنته المبلولة، وبدأت تحدثه بصوت رخيم يحمل في موجاته العضة والعبرة :

"إبن الجيران إن اشتاق لك فسوف يأتي ليبحث عنك حتماً.. كن قوياً ولا تتعلق بالآخرين "

وأكملت تجفيف وجهه حتى بدا كعصفور صغير تبلل تحت نافورة الحديقة..

الام واهتمامها باطفالها - الامومة
الولد الشقي 


أفلت يدها ثم ابتعد باتجاه باب البيت، فنادته لكنه انطلق فاردا جناحيه ينوي اللعب مع نديم . 

فتح الباب ثم أعاد وجهه ليتفقد في ملامحها حبه الأبدي الباقي وقال مطمئناً إياها :

"أعدك ماما آخر مرة أكون ضعيفا! "

إبتسمت؛ فبادلها الإبتسامة وانطلق باحثا عن صديقه الصغير ليلعب معه.

خاطرة وما بين الفطرة والمنطق - قلب الأم وحنوها

كانت ابتسامتها تهدل بالحنان والزهد في بساطة فهمه لمنطقها. 

لكن ابتسامته أرسلت إليها رسالة عذبة تهدر في كيانها معنى الحياة. 

وكيف تبدو الأمور بغير تعريف لماهيتها بلا فلسفة أقل زيفاً وأكثر سكينة .

لم تكن تدرك أن من منطق الأطفال مافيه حكمة ومن غزل، أحرفهم مافيها دروس عظيمة. 

إقتربت من النافذة تحرسه بعين وتتأمل جماله بالعين الأخرى، وغابت تلك النظرات في أصوات ضحكاته وتلاشت. 

ولما لاح لها تصالحه مع صاحبه غدت تتمتم بابتسامة متأملٍ :

"ياليت الحياة بتلك البساطة والطهر "

وما منع بساطة الحياة وطهرها إلا انعقاد العقد في الأفئدة وتلوث النفوس بالأفكار المرتجعة! 

ما منعها أن تكون عفوية غير بعث أجداث أحداث من الماضي والمشاعر الموروثة! 

لم تكن تلك الأم تعي أن بينها وبين بساطة الحياة؛ قرار كان يجب اتخاذه بعفوية. 

اقرأ ايضا خذ الحكمة وتمعن

اقرأ ايضا خاطرة وظل فؤادها خاويا حتى رأته 

قرار حر يجري مع تيار فطرتها كذلك القرار الذي جعل من طفلها ينسى الصفعة ويلعب من جديد. 

قرار يجرف بمعتقداتها الشاحبة وما تحويه من قيود الروح الظالمة .


بقلم الأنامل اليمنية:

"زبيدة شعب" 

2 تعليقات

رأيك يهمنا

أحدث أقدم