رواية هرارة الرماد روايات رومانسية جزء ٥ روايات عربية -أنامل عربية

رواية هرارة الرماد , هي أول مشاركة روائية لي في أنامل عربية وقد كتبت تفاصيل الرواية في قريتي وصاب العالي مستخدمة فكرة لقصة أسطورية لأقوم بتضمين العادات 

والتقاليد في اليمن ضمن فانتازيا مليئة بالمتناقضات ..

تابعوا رواياتي هذه ضمن حلقات وسأقوم بتضمين رابط الحلقة التالية نهاية كل حلقة واتمنى من الله أن تحبوا هرارة الرماد وتحبوا اليمن بعد قراءتها.    

رواية هرارة الرماد - روايات رومانسية جزء ٥
رواية هرارة الرماد 


رواية هرارة الرماد الجزء الخامس


من أحد كتاتيب القرية، يخرج قليل من طلاب العلم يتجهون صوب إحدى البرك لشرب الماء. شربوا حتى ارتوت اكبادهم الطرية ثم ذهب راجح بعيداً فأخذ منير يناديه :

"إلى أين انت ذاهب… سنتأخر ! "


رواية هرارة الرماد وقبر الولي 

التفت إليه راجح وأشار إليه بإشارة أوحى له من خلالها أنه يحتاج إلى بيت الخلاء.. كانت الكُتاب بعيدة جداً عن منازل طلبة العلم، يقطعون مئات الأمتار وتدمى أقدامهم حتى يصلون إلى منازلهم المترامية في أعالي القمم وعلى سفوح الوديان.

 لذا؛ انتظر منير قليلاً وذهب راجح ليبحث عن مكان مستور ليقضي فيه حاجته فلم يجد ماكناً مناسباً سوى قبر الولي.

"الولي !" الذي يعتقد أهل القرية أنه مبارك في حياته وذو كرامات خارقة بعد موته...

 كان للقبر ضريح مرتفع من الجص وحوله سور من الطين. فقضى خلفه راجح حاجته وخرج مبتسماً ثم أشار إلى صاحبه منير ملوحاََ بيده:

"تعال نجمع البعار لنتسلى بها في الطريق "

نزل منير يعير الصخور قفزاته السريعة وكأنه أرنب بري يضحك ساخراً:

"لو علم الناس بفعلتك اليوم لأقاموا عليك حد الرجم فهم يقدسون صاحب القبر درجة العمى"

وبدأ راجح يرمي شجرة العلب يبتغي بعض "البعار " ويردد ضاحكاً:

"لعلي زدته قداسة بسقياي اليوم "


رواية هرارة الرماد ومبادئ نصير المرهونة بعرف القبيلة

وفي اسفل الوادي رعاة الأغنام يدوي صدى أهازيجهم جبال وصاب على معزوفة من صوت الخراف وهديل الحمام وصفير البلابل. 

وعلى دروب تلك المدرجات الزراعية المتعرجة كان نصير يشق درباً  باتجاه بركة الماء يجر معه حماره. 

التقى بالحجام فبادره الحجام مستهلا لحديث مفعم بالفضول:

"حيا الله نصير "

نصير: " حياك الله يا عم، كيف حالك"

الحجام: "الحمد لله وانت ما أخبارك ،هل وضعت زوجتك! "

نصير: "انا بخير يا عم وزوجتي بقي لها القليل"

الحجام: " ما الذي بينك وبين اخيك يا نصير يا ابني وحدوا الله، صيتكم قد ملأ القرية "

نصير متنهداً متأففاً يحاول غلق باب الحوار: "مرة بسبب نزاع على البركة؛ ومرة بسبب البان البقر…وكل مرة أتنازل فيها عن حق يطمع نظير في شيء آخر"

حاول الحجام التدخل فقاطعه نصير منهيا للموضوع خشية أن يراه الناس واقفاً مع الحجام :

"يا عم خليها على الله، كل مقدر مرسل "

وبدأ يشق طريقه فظن الحجام أن نصير لا يرغب في الكلام بعكس أخيه الذي جعل منه حديث المجالس. 

أما العجوز رمانة فقد سئمت من حل المشاكل فكلما تنازل نصير عن أمر زاد طمع نظير في آخر بحجة أن خراج الأرض في يد أخيه. 


رواية هرارة الرماد وتقسيم الإرث

حتى جاء يوم تمادى فيه نظير وطلب أن يزرع الأرض هو ويمكث نصير في منزله ينتظر منه نصيبه في خراج الأرض. 

ولما اشتد العراك وسئم نصير من التنازلات المتكررة قام بتحكيم عقلاء من وجهاء القرية. حضر الوجهاء وقسموا الأرض إلى قسمين بالتساوي بين الأخوين وتنازلت العجوز عن نصيبها لأولادها. 

كانت مدرجات القات اكثر ربحا واسرع توزيعا من تجارة البن لكن نصير تنازل عن أراض القات لأخيه الكسول. 

واكتفى بعقام البن و بعض الأودان. زرع نصير أرضه بالبن والحبوب بينما زرع نظير أرضه بالقات. وكان نظير يبيع محصوله داخل البلاد بينما يتاجر نصير بالبن خارج البلاد. 

وفي صباح من صباحات الشتاء، شد رحاله متجهاً إلى أرض الحجاز لبيع البن هناك.  


رواية هرارة الرماد وميلاد ريحانة

ولم يلبث أن يتم يومين على سفره إلا وشعرت رحيمة بالمخاض فخرجت العجوز في عتمة الليل تشق درباً لا دليل لبصرها الضعيف غير عصاها ناشدة حكيمة القرية. 

ولما وصلت العجوز مع الحكيمة قرابة الفجر كانت الرضيعة ريحانة ملفوفة في أطمارها في حضن أمها رحيمة!

تفاجأت الحكيمة، فلم يعد لوجودها أي داع ٍ فساعدت العجوز في طهي طعام لرحيمة وتنظيف الدار ثم خرجت صباحاً وطافت كالرياح اللواقح من دار إلى دار تخبرهم بما سترته ديباجة الليل السوداء. 

جن جنون العنقاء، فقد دفعها غرورها أن تقسم الطاف الله واعتقدت أنها أحق بالنعمة من غيرها، فكيف ستصنع هذه، المرة؟ 

وعند الظهيرة دخل نظير إلى الدار جائعاً يستعجل غداءه لكي يستريح بعده ويتناول قاته "ومداعته" كالعادة وقد انهكه تعب غرس القات ونال منه بشدة، فمثله لم يعتد على التعب وبذل الجهد. 

فوجد تلك البومة في وجهه غاضبة كالعادة فقال ساخراً منها متهكماً:

"أليس موعدك المساء أم أنك قمت بتغيير الطبيعة ؟"

لفتت وجهها باتجاه النافذة عابسة الوجه وقد بدت في وجهها ظلمة تقطع الرزق إن اطلت عليه. علم زوجها أنها غاضبة بسبب المولودة ريحانة فاقترب منها وحاول مداراتها قائلاً:

"لا استطيع أن اذهب إلى الله وأقول له لماذا فضل أخي بالذرية الصالحة علي هذه المرة.. لكن اصبري فلعل الله يرزقنا بذرية كما رزقهم "

التفتت إليه والغيض قد أكل ما تبقى من أخلاقها المهترئة وقالت بازدراء:

" ذرية صالحة… هه.. هل انت متأكد أن الله فضله عليك! "

ضحك الزوج ملاطفاََ إياها  باحثا عن أي مخرج ينجيه من نكدها وعبوسها المستمر:

"نعم،  من يدري ما عند الله فلعله يعطينا من البنين اصلحهم ومن البنات أجملهن وانفعهن "

والعجيب أنه تمنى صلاح البنين وهو عاق ولم يكن يدرك أن دوائر السوء لا تُخطئ التصويب! 


رواية هرارة الرماد  نظير بين السم والعسل

تناول غداءه وهي تنظر إليه وقد اضمرت في عينيها شراََ دفيناََ وتظاهرت بالبراءة  فجأة وغدت تتصرف بعفوية وطيبة قائلةً :

"من العار أن لا أذهب لزيارة رحيمة، هي مثل أختي وزوجها أخوك !"

خفق قلب نظير بالشوق لأخيه وامه وعائلته وسعد بما قالت. فوجد تلك المناسبة فرصة قوية لإثبات حسن النوايا من جديد ورقع ما مزقته المصالح والمطامع وكيد النساء. 

مد يده في معطفه الدجلة العثماني الذي ورثه عن ابيه وبادر بإعطائها قرش فضي وقال لها مبادراََ وقد تهلل وجهه بالسرور مدفوعاً بقبيلته الوصابية العريقة:

" اعطي هذا لرحيمة وقولي لها أن تخبرك إن احتاجت أي شيء فأنا مثل أخيها "

لمعت عيناها بمكر وهي تراه قد لان وحن لأهله واضمرت نية شريرة في نفسها الخبيثة ومضت تجر أذيال ثوبها المعصفر كأفعى ملساء تهز جرسها… تنذر بالموت كل من سره سماع رنينه.

انقر هنا لقراءة الحلقة السادسة من رواية هرارة الرماد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

رواية هرارة الرماد والكلمات الجديدة

بعار/ ثمرة شجرة العلب 
الحجام/ من يعمل بالحجامة وكان يعد من الطبقة المنبوذة
صيتكم / الصيت هي السمعة
مدرجات/ مدرجات زراعية في الجبال
مداعة/ نوع من الشيشة تعمل على التبغ


 بقلم الأنامل اليمنية 

 زبيدة شعب  

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

انقر هنا لتقرأ للكاتبة قصة الجندب الحكيم والنحلة للأطفال 

ـــــــــــــــــــــــــــــ

5 تعليقات

رأيك يهمنا

أحدث أقدم