رواية هرارة الرماد الجزء السادس, هي أول مشاركة روائية لي في أنامل عربية وقد كتبت تفاصيل الرواية في قريتي وصاب العالي مستخدمة فكرة لقصة أسطورية لأقوم بتضمين العادات والتقاليد في اليمن ضمن فانتازيا مليئة بالمتناقضات ...
تابعوا رواياتي هذه ضمن حلقات وسأقوم بتضمين رابط الحلقة التالية نهاية كل حلقة واتمنى من الله أن تحبوا هرارة الرماد وتحبوا اليمن بعد قراءتها.
رواية هرارة الرماد |
رواية هرارة الرماد الجزء السادس
تجهزت بغير ثيابها لغرض شرير، وشقت الطريق لا يعرفها أحد وقد حجبت سحنتها بقطعة من تلك الطرحة العريضة وتوجهت إلى واد يدعى وادي "ضيق الدار" يسكنه الوحوش والقرود والجن.
عبرت العنقاء ذلك الوادي بألفة وسعة صدر فهي تعبر بين مخلوقات تنسجم معها بالشر وتتآلف معها بالخديعة. وفي عمق ذلك الوادي الموحش تعيش ساحرة في كهف مظلم تدعى أم بيدر.
كانت أم بيدر لها جسد امرأة وقدما حمار، ولما دخلت عليها العنقاء بادرت أم بيدر بإلقاء أمر سريع وكأنها تعلم بالسبب الذي اقبلت من أجله العنقاء:
" ضعي كل ما لديك هنا وخذي العشبة وانصرفي ولا تعودي إلا ضافرة منصورة "
هرارة الرماد والساحرة أم بيدر
جف ريق العنقاء حيث أنها لم تنطق ببنت شفة. حاولت شرح ما تريد فتوسعت عينا الساحرة وامتلأت بالعروق الحمراء واسود وجهها وصاحت كأنثى القرد:
"اسرعي يا ابنه الشيخ مفرح وإلا مسخت بك "
تركت العنقاء القرش الفضي واخذت العشبة وركضت بأقصى سرعة لديها، وكانت الخفافيش تلاحقها، تمص من دمها وهي تصارعهم بقوة لتستطيع الخروج من ذلك الوادي.
وقبل أن تتجاوز الأشجار الكثيفة لحقتها القرود ومزقت ثيابها فغدت وكأنها عابرة سبيل فقيرة شعثاء غبراء.
وصلت إلى بيتها والشمس تتوسط كبد السماء في عز الظهيرة، تتخفى بين المحاصيل خشية أن يراها الرعاة فيتساءلون من هي.
رواية هرارة الرماد وجحيم العنقاء
ولما وصلت فتحت الباب بهدوء وتسللت إلى مخدعها كالأفعى وغيرت ثيابها ثم خرجت من جديد ولم يشعر بها
زوجها الذي كان تحت تأثير مخدر القات لا يهمه شيء "يقرقر بمداعته" غير آبه بالدنيا وما فيها معتقداََ أنها في منزل أمه منذ الصباح الباكر.
اتجهت العنقاء إلى بيت رحيمة وعندما وصلت عتبة الباب أخذت الكلبة السوداء تنبح بقوة كأنها قد اشتمت ريح كيدها العاصفة وشعرت بطاقة غدرها السامة.
ودخلت العنقاء على رحيمة مبتسمة مهللة مباركة ثم بادرت باعتذار على تأخرها مبررة:
"سامحوني على تأخري فلم يوافق نظير على خروجي باكراً إلا بعد أن اعددت له الغداء وجهزت له مداعته وغسلت له القات "
هزت رحيمة رأسها بالإيجاب بسذاجة و تمتمت العجوز بصوت خافت مفعم بالاستهجان:
"مطيعة أنت يا ابنة الأصول "
اعتقدت رحيمة أن الله قد هداها أخيراً ودار حوار لطيف بينهن واخذت رحيمة تحكي لها بطهر عن تجربتها الصعبة مع الحمل والمخاض وتريها المولودة ريحانة ذات العيون الخضراء الجميلة والشعر الأسود.
وبلغت العنقاء من الحسد ما بلغ البركان من الغليان، فكضمت دخان سعيرها بصعوبة ثم أخرجت تلك الأعشاب من جعبتها وقالت بمكر:
"اجعلي منها قهوة واشربيها فإن فيها فائدة عظيمة في إدرار اللبن للصغيرة "
صدقتها رحيمة واخذت الأعشاب وهي تظن كل الظن أن على يديها الشفاء والنفع وهل يأتي النفع من شجرة زقوم العنقاء!
كانت تلك الأعشاب تسبب العقم الأبدي ..ومن تتناول منها كأس واحد لا يمكن أن تنجب بعد ذلك. وكبرت ريحانة… ولم يكن بعد تلك الشتلة أي ريحان !!
مرت السنوات وشبت تلك الريحانة حتى فاح عبيرها في أرجاء قلب ابيها. لكن الجدة العجوز قد اجتازت الصحة وتمكن منها التعب وهي ترى نصير ابتر من الذرية والولد وقد عاشت حياتها كلها على مبدأ الولد سند!
رواية هرارة الرماد " ماذا يفعل الحجام في منزل نصير!"
وصل الحجام إلى دار نصير عشاء وريحانة تلعب بجوار أبيها وإذا بنصير يسمع صوت نحنحة في درج داره.
تسائل منادياً : " من؟ "
وأجاب الحجام بصوت عالٍ مستأنساً الدخول:
"الله، الله، أنا عمك قائد يا ولدي"
توجه نصير ليستقبله وفي عيناه الف استفسار عن سبب مجيئة في تلك الساعة، لكنه سرعان ما وجد أمه خلف الحجام فأدرك حينها أنها من أتت به. رحب بالحجام وتبعه إلى غرفة الضيافة ثم سحب أمه جانباً:
"اسمعي يا أماه، أنا لن أسمح له أن يلمس زوجتي، انجبت أم لم تنجب! "
تغيرت صورة الأم لتبدو أكثر حزماََ وأجابت حاسمة للحديث:
" يلمسها غصباً عنك، ابتعد من طريقي "
واخذت تدب ببطء كسلحفاء كبيرة حتى وصلت إلى رحيمة وسحبتها بهدوء. نظر نصير إلى رحيمة بعين حياء وخجل من تصرف أمه وتأمل منها أن تتفهم الوضع.
وعندما وصلت رحيمة غرفة الضيوف بدأ الحجام يحجم لها ويمتص بذالك القرن من دمها ويصبه في إناء فخاري.
وعندما انتهى تنفس بعمق ثم اردف قائلاً:
" بإذن الله أنها بخير "
وخرج خارج الغرفة وتظاهر أنه قد أضاع حذاءه واخذ يتحسسه بقدمه في ظلمة الليل وظلام الدرج وظلم المجتمع ينتظر شيئاً آخر. ناوله نصير قرشاََ كان في مأزره فأخذه الحجام بسرعة واتجه إلى الأسفل بسرعة يدعو له:
" اسأل الله لك الذرية الصالحة "
ولم يتغير الحال بعد امتصاص دمها بل زاد الأمر سوءََ وأصبحت رحيمة عليلة البدن صفراء الوجه!
واستمرت تلك الصفرة في وجهها أياماً طويلة وكلما سألت العجوز الحجام عن تلك الصفرة برر بقوله:
"هذا أثر خروج الضر عنها فلا تقلقوا "
وظلت الرحيمة عاجزة عن الإنجاب والعجوز لم تترك باباً إلا وطرقته باحثة عن حل. وذات نهار اقترب منها نصير يسألها:
"لماذا لا تبحثين لنظير عن حل فليس لديه ولد ولا بنت إلى اليوم "
التفتت إليه وقد لاح في تعابير وجهها زهداََ في عقله وبصيرة في تفكيره ثم أجابت:
" لا أريد أحفادا من العنقاء، عندما يأتي بأخرى سيأتي الخير كله "
ابتسم نصير وعلم أن زوجته ما سلمت ظهرها للحجام إلا وهي تعلم حق العلم بتفكير أمه. لكن الفكرة قد طبخت في ليل فعلاً وقد لاحت في أفقها حقاً وأن هروبه مسألة وقت ليس إلا.
انقر هنا لقراءة الجزء السابع من رواية هرارة الرماد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رواية هرارة الرماد والكلمات اليمنية الجديدة
مخدر القات / شجرة خضراء يمضغها اليمنيون لساعات طويلة لها تأثير منشط ومهدئ للأعصاب لكنها ضارة وتؤدي إلى الإدمان.
رواية هرارة الرماد بقلم الأنامل اليمنية
زبيدة شعب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انقر هنا لقراءة للكاتبة قصة الفلاح رابح للأطفال
ـــــــــــــــــ
تجيدين فن السرد... رواية مميزة... أحسنتي ❤️
ردحذفزبيدة كاتبة واعدة، قصصها وحكاياتها تنبع من الواقع الاجتماعي وبيئتها التي عاشتها ونعيشها جميعاً ..لهذا سيكون للقضايا التي تحاول معالجتها بالقصة والحكاية وبأسلوبها الشيق ولغتها الرفيعة تأثيره الإيجابي في مجمعنا العربي والإنساني
ردحذف👍👍👍👍
ردحذف